يصلح أن يطلق على خصوصية كلّ فرد من المفهومات الخارجية إمّا لأنه موضوع بإزاء تلك الخصوصيات وضعا عاما وإمّا لأنه موضوع لمعنى كلّي ليستعمل في جزئياته لا فيه. وأيّا ما كان فالاحتمال ناشئ من اللفظ فقال السيّد السّند : الظاهر أنهم أرادوا الاشتراك المعنوي ، لأنّ التقليل إنّما يتصور فيه بلا تمحّل كما في رجل عالم فلا تكون جارية في قولنا عين جارية صفة مخصصة ، وقد يتمحّل فيحمل الاشتراك على ما هو أعمّ من المعنوي واللفظي وتجعل جارية صفة مخصصة لأنها قللت الاشتراك بأن رفعت مقتضى الاشتراك اللفظي وهو احتمال العين لمعانيه [وعينت معنى واحدا] (١) فلم يبق في عين جارية إلاّ الاشتراك المعنوي بين أفراد ذلك المعنى. وصاحب الأطول قال : الظاهر أنّ التخصيص محمول على إزالة الاشتراك لفظيا كان أو معنويا إمّا في الجملة أو بالكلية ، إلاّ أنه فسّر بتقليل الاشتراك لأنه الغالب في التخصيص ، وقلّما يبلغ مرتبة الإزالة بالكليّة. فإن قلت الرجل العالم خير من الجاهل في صورة الاستغراق لا يتصور أن يكون لتقليل الاحتمال ، إذ لا احتمال للمستغرق بل لتقليل الشمول ، فهل يجعل تقليل الشمول من التخصيص؟ قلت : قرينة الاستغراق تقوم بعد الوصف فالوصف لتقليل الاحتمال والقرينة لتعمّم ما رفع فيه بعض الاحتمال ، فيكون الوصف فيه مخصصا. فإن قلت لا يتمّ ذلك في كلّ رجل عالم ، قلت : دخل الكلّ على الموصوف ، ولذا لا يمكن وصف الكلّ بل يجب إجراء الوصف على المضاف إليه ولو جعل تقليل الاشتراك عبارة عن رفع الاحتمال أو إزالة بعض الشمول لأنّ مقتضى الاشتراك قد يكون الشمول وإن كان الأكثر الاحتمال لهان الأمر انتهى.
وفي عرف أهل المعاني هو القصر وسيجيء. وفي عرف الأصوليين يطلق على معان. منها قصر العام على بعض مسمياته ، وهذا مصطلح الشافعية والمالكية. فقيل المراد بالمسميات أجزاء المسمّى للقطع بأنّ الآحاد كزيد وعمرو مثلا ليس من أفراد مسمّى الرجال إذ مسمّاه ما فوق الاثنين من هذا الجنس ، لكنّ التحقيق على ما يجيء في لفظ العام أنها الآحاد التي دلّ العام عليها باعتبار أمر اشتركت فيه ، وهو معنى مسميات العام لا أفراد مدلوله. ولو لا أنهم جوّزوا التخصيص بمثل الاستثناء إلى الواحد لجاز جعل مسمّيات صيغة الجمع هي الجماعات لا الآحاد ، فيتناول التعريف ما اريد به جميع المسميات أولا ثم أخرج بعض كما في الاستثناء ، وما لم يرد به إلاّ بعض مسمياته ابتداء كما في غيره. فالمراد بالكافرين في مثل اقتلوا الكافرين إلاّ أهل الذمّة ، جميع الكفار ليصحّ إخراج أهل الذمّة ، فيتعلق الحكم ، فيكون القصر على البعض باعتبار الحكم فقط. وفي مثل اقتلوا الكافرين ولا تقتلوا أهل الذمّة يتبيّن أنّ المراد بالكافرين غير أهل الذمّة خاصّة ، فيكون القصر على البعض باعتبار الدلالة والحكم جميعا ، ويكون معنى القصر في الأول أنّ اللفظ الذي يتناول جميع المسمّيات قد اقتصر الحكم على بعضها ، وفي الثاني أنّ اللفظ الذي كان يتناول في نفسه قد اقتصرت دلالتها على البعض خاصّة ، وحينئذ يندفع ما يتوهّم من أنّ اللفظ إن كان على عمومه فلا قصر ، وإن وجدت قرينة صارفة عنه فلا عموم ولا قصر (٢).
وقال أبو الحسين هو إخراج بعض ما تناوله الخطاب. ويردّ عليه أنّ ما أخرج فالخطاب لم يتناوله. وأجيب بأنّ المراد ما
__________________
(١) [وعينت معنى واحدا] (+ م ، ع).
(٢) [فالمراد بالكافرين في مثل ... فلا عموم ولا قصر] (ـ م ، ع).