المجردات عند من
أثبتها لعدم قبولها الإشارة الحسّية ولا التحيّز. وقولهم لا يقبل القسمة يخرج
الجسم. وقولهم أصلا يخرج الخط والسطح الجوهريين لقبولهما القسمة في بعض الجهات. والقسمة
الوهمية ما هو بحسب التوهّم جزئيا. والفرضية ما هو بحسب فرض العقل كليا على ما
سيجيء.
وفائدة إيراد
الفرض أنّ الوهم ربما لا يقدر على استحضار ما يقسمه لصغره أو لأنّه لا يقدر على
إحاطة ما لا يتناهى. والفرض العقلي لا يقف لتعقّله الكلّيات المشتملة على الصغير
والكبير والمتناهي وغير المتناهي ، كذا في شرح الإشارات. فإن قلت : لا يمكن أن
يتصور وجود شيء لا يمكن للعقل فرض قسمته. قلت : المراد من عدم قبول القسمة الفرضية
أنّ العقل لا يجوز القسمة فيه ، لا أنّه لا يقدر على تقدير قسمته أي على ملاحظة
قسمته وتصوّرها ، فإنّ ذلك ليس بممتنع ، وللعقل فرض كل شيء وتصوّره حتى وجود
المستحيلات وعدم نفسه. وبالجملة فالمراد بالفرض الفرض الانتزاعي لا الفرض
الاختراعي ولا الأعمّ الشامل لهما. وإن شئت الزيادة على هذا فارجع إلى العلمي
حاشية شرح هداية الحكمة. ويجئ ما يتعلق بهذا في لفظ الجوهر أيضا. ثم هذا المعنى
للجزء أعمّ من أكثر المعاني الآتية ، ومنها الكتاب الذي جمع فيه أحاديث شخص واحد.
وفي شرح شرح
النخبة في بيان حدّ الاعتبار الأجزاء عند المحدّثين هي الكتب التي جمع فيها أحاديث
شخص واحد. ومنها علّة الماهية ويسمّى ركنا أيضا. ومنها سدس عشر المقياس ويسمّى
درجة أيضا تجوّزا ، ويجئ في لفظ الظل. ومنها الدرجة كما سيجيء. ومنها جزء من
ثلاثمائة وستين جزءا من أجزاء الدائرة التي على وجه حجرة الأسطرلاب ويسمّى درجة
أيضا ، وهي بمثابة درجات معدل النهار المسمّاة بالأجزاء. والمراد بالجزء الواقع في
قول المنجمين جزء الاجتماع وجزء الاستقبال هو الدرجة. ويقول الملاّ عبد العلي
البرجندي في شرحه على زيج «الغ بيكي». المراد بجزء الاجتماع هو الذي يكون فيه
الاجتماع. وبجزء الاستقبال موضع القمر في وقت الاستقبال إذا كان الاستقبال في
الليل. وموضع الشمس إذا كان الوقت نهارا. وإذا كان في أحد الطرفين ليل فذلك الجزء
الذي هو أقرب إلى أفق الشرق هو المعتبر . ومنها العدد
الأقل الذي يعد الأكثر أي يفنيه كالإثنين من العشرة ، فإنّه يعد العشرة أي يفنيه
بخلاف الأربعة من العشرة فإنّها لا تعد العشرة فليست جزءا منها ، بل هي جزءان منها
، ولذا يعبّر عنهما بالخمسين.
وبالجملة فالعدد
الأقل إن عدّ الأكثر فهو جزء له وإن لم يعده فأجزاء له ، وهذا المعنى يستعمله
المحاسبون ، هكذا يستفاد من الشريفي في بيان النسب. ويفهم من هذا أنّ الجزء هو
مرادف الكسر ويؤيّده أنّهم يعبّرون من الكسر الأصم بجزء من كذا. وأيضا يقولون إذا
جزّئ الواحد الصحيح بأجزاء معينة سميت تلك الأجزاء مخرجا وبعض منها كسرا. ومنها ما
هو مصطلح أهل العروض وهو ما يتركّب من الأصول ويسمّى ركنا أيضا. والأصول هي السبب
والوتد والفاصلة. ويجمع الكلّ قولهم : لم أر على رأس جبل سمكة ، هكذا في عروض سيفي.
وهكذا في بعض رسائل العروض العربية ، حيث قال : ويتركّب مما ذكرنا من السبب والوتد
والفاصلة أجزاء تسمّى الأفاعيل
__________________