وبمعنى العضو المخصوص وجمعه مذاكير وهذا الجمع على خلاف القياس. وعند السالكين هو الخروج من ميدان الغفلة إلى فضاء المشاهدة على غلبة الخوف أو لكثرة الحبّ. وقيل الذكر بساط العارفين ونصاب المحبّين وشراب العاشقين. وقيل الذكر الجلوس على بساط الاستقبال بعد اختيار مفارقة الناس ، والذكر أفضل الأعمال : (قيل يا رسول الله : أيّ الأعمال أفضل؟ قال أن تموت ولسانك رطب بذكر الله تعالى) (١) ، وقال أيضا : (من أكثر ذكر الله برئ من النفاق) (٢) كذا في خلاصة السلوك.
الذّمّ : [في الانكليزية] Blame ، rebuke ، denigration ـ [في الفرنسية] Blame ، reprimande ، denigrement
بالفتح ضد المدح وهو قول أو فعل أو ترك قول أو فعل ينبئ عن اتّضاح حال الغير وانحطاط شأنه كما في شرح المواقف في تعريف الحسن والقبح.
الذّمّة : [في الانكليزية] Obligation ، guarantee ، debt ـ [في الفرنسية] Obligation ، garantie ، caution ، dette
بالكسر قال بعض الفقهاء إنّ الذّمة أمر لا معنى له ، بل هي من مخترعات الفقهاء يعبّرون عن وجوب الحكم على المكلّف بثبوته في ذمّته ، وهذا القول ليس بصحيح إذ في المغرب أنّ الذمّة في اللغة العهد ويعبّر بالأمان والضّمان ، ويسمّى محلّ التزام الذمّة بها في قولهم ثبت في ذمتي كذا أي على نفسي. فالذمة في قول الفقهاء يراد به نفس المكلف. وذكر القاضي الإمام أبو زيد أنّ الذمّة شرعا وصف يصير به الإنسان أهلا لما له ولما عليه ، فإنّ الله تعالى لمّا خلق الإنسان محلا للأمانة أكرمه بالعقل والذمة حتى صار أهلا لوجوب الحقوق له وعليه ، وثبت له حقوق العصمة والحرّية والمالكية ، كما إذا عاهدنا الكفار وأعطيناهم الذّمّة ثبت لهم وعليهم حقوق المسلمين في الدنيا ، وهذا هو العهد الذي جرى بين الله تعالى وعباده يوم الميثاق. ثم هذا الوصف غير العقل ، إذ العقل لمجرّد فهم الخطاب فإنّ الله تعالى عند إخراج الذّرية يوم الميثاق جعلهم عقلاء ، وإلاّ لم يجز الخطاب والسؤال ولا الإشهاد عليهم بالجواب ، ولو كان العقل كافيا للإيجاب لم يحتج إلى الإشهاد والسؤال والجواب ، فعلم أنّ الإيجاب لأمر ثبت بالسؤال والجواب والإشهاد وهو العهد المعبّر عنه بالذّمّة. فلو فرض ثبوت العقل بدون الذّمّة لم يثبت الوجوب له وعليه. والحاصل أنّ هذا الوصف بمنزلة السّبب لكون الإنسان أهلا للوجوب له وعليه ، والعقل بمنزلة الشّرط. ومعنى قولهم وجب ذلك في ذمّته الوجوب على نفسه باعتبار ذلك الوصف ، فلما كان الوجوب متعلقا به جعلوه بمنزلة ظرف يستقر فيه الوجوب دلالة على كمال التعلّق وإشارة إلى أنّ هذا الوجوب إنّما هو باعتبار العهد والميثاق الماضي ، كما يقال وجب في العهد والمروءة أن يكون كذا وكذا. وأمّا على ما ذكره فخر الإسلام من أنّ المراد (٣) بالذّمة في الشرع نفس ورقبة لها ذمّة وعهد ، فمعنى هذا القول أنّه وجب على نفسه باعتبار كونها محلا لذلك العهد. فالرّقبة تفسير للنفس ، والعهد تفسير للذّمة ، وهذا في التحقيق من تسمية المحل باسم الحال ، والمقصود واضح. هذا كله خلاصة ما في التلويح وحاشيته للفاضل الچلپي والبرجندي في باب الكفالة.
__________________
(١) عزاه المتقي الهندي في كنز العمال ، إلى ابن شاهين وابن النجار. بلفظ «من ذكر الله». كنز العمال ، كتاب الأذكار ، باب الذكر ، حديث ٣٩٣٩. ج ٣ ، ص ٢٤٧.
(٢) رواه الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب ، حديث ٥٧٦٨. ج ٣ ، ص ٥٦٤.
(٣) المقصود (م ، ع).