والحال ، وتحقّق تلك العلوم والمعارف في الهويّة الإنسانيّة إنّما هو كتحقّق النار في الزناد.
فكما أنّ في استخراجها وإيرائها منها يحتاج إلى بعض الأسباب المعروفة كذلك يحتاج في استخراج العلوم والحقائق من كينونة الإنسان إلى التصفية والتزكية ؛ كما قال عليه السلام : ليس العلم في السماء حتّى ينزل إليكم ، ولا في الأرض حتّى يصعد إليكم ، بل هو مكنون فيكم ، تخلّقوا بأخلاق الروحانيّين يظهر لكم.
أي تصفّوا نفوسكم وتزكّوها ، فإنّ ذلك سبب بروز العلم ، وظهور العرفان.
وقال تعالى : (إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) (١) أي إن تأتمروا بما أمركم الله وتنتهوا عمّا نهاكم الله خوفا من غضب الله القهّار ترتفع غواشي نفوسكم ، وتزول كدورات قلوبكم ، فيلوح نور عقولكم ، فتميّزون به الحقّ عن الباطل ، والخير عن الشرّ ، والقرب عن البعد إلى غير ذلك ، فلا تضلّون عن طريق الحقّ أبدا.
وذلك الاستعداد هو العقل المطبوع الّذي أشار إليه عليّ عليه السلام حيث قال :
رأيت العقل عقلين |
|
فمطبوع ومسموع |
فلا ينفع مسموع |
|
إذا لم يك مطبوع |
كما لا تنفع الشمس |
|
ونور العين ممنوع |
__________________
(١) الأنفال : ٢٩.