كيف وقد اصطفاهم الله على من دونهم من أصناف الخلق ، وأوجب على الكلّ إطاعتهم ومتابعتهم في أمر الحقّ ، فبهم فليتمسّك المتمسّكون ، ويعتصم المعتصمون :
وكلّ لهم سؤل ودين ومذهب |
|
ووصلكم سؤلي وديني هواكم |
وأنتم من الدنيا مرادي وهمّتي |
|
مناي مناكم واختياري رضاكم |
وقيل : المراد بالسبيل هو الطريق إلى تكميل النفس ، فإنّ به يتوصّل إلى السعادة القصوى ، والجنّة العليا.
وقيل : المراد طريق المعرفة في الدين ، الّذي يتوصّل به إلى ثواب الأبد ، ويلزم كلّ مكلّف سلوكه ، وهي أدلّة العقل والشرع الّتي تعمّ جميع المكلّفين.
وقيل : المراد سبيل الهدى والضلال.
وقيل : المراد سبيل الفجور والتقوى ؛ كما قال (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) (١).
أقول : يمكن إرجاع الكلّ إلى أحد الوجهين اللذين أشرنا إليهما فيما سبق.
الخامسة : قيل في تفسير الآيات : إنّ الإنسان خلق من أمشاج لا للعبث ، بل للابتلاء والامتحان ، ثمّ اعطي ما يصحّ معه الابتلاء وهو السمع والبصر اللذان هما أشرف الحواسّ ، ولهذا خصّا بالذكر.
وفيه إشارة إلى أنّ الحواسّ السليمة أسباب كلّيّة لتحصيل الكمالات
__________________
(١) الشمس : ٨.