فطرة الإسلام ؛ كما قال : كلّ مولود ولد على فطرة الإسلام إلّا أنّ أبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه (١).
فالفطرة الذاتية الّتي فطر الناس عليها هي التوحيد وما يعرضها من الشؤونات المنافية لذلك المقام ، فهو أمر عرضيّ يمكن رفعه ببعض الأسباب المعدّة لذلك ، فذلك المقام ميسّر لكلّ أحد إن استعان بما اعدّ لذلك من الأسباب ، لأنّ الذاتيّ للشيء لا يرفع غالبا وإنّما المرفوع الأمر العرضيّ.
وقد أشار إلى ذلك بقوله : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) (٢) أي سهّل له طريق التوحيد بإعداد الأسباب الموصلة.
ويحتمل أن يكون المراد بالسبيل هو حبّ عليّ عليه السلام وأولاده الأئمّة ، فإنّه هو الطريق إلى الجنّة العالية ، كيف لا؟ وقد دلّت أخبار كثيرة على أنّه : لو عبد عبد بين الركن والمقام ألف سنة ثمّ لقى الله بغير محبتّهم أكبّه الله على منخره في النار خالدا فيها ما دامت السماوات والأرض (٣).
كيف ويسأل الناس يوم القيامة عن حبّ هؤلاء الأطهار ؛ فمن كان في قلبه ذرّة من حبّهم لا يدخل الجحيم ، بل يتنعّم بنعيم الجنّة خالدا فيها ، ومن حرم عن ذلك يحرم عن لذّات الجنّة ويخلّد في النار مهانا.
كيف وهم العلل الغائيّة لخلق عالم الإمكان ، والأقطاب لدائرة العرفان.
__________________
(١) انظر : عدّة الداعي : ٣٣٢ ، عوالي اللآلي ١ : ٣٥.
(٢) عبس : ١٧ ـ ٢٠.
(٣) انظر : الصراط المستقيم ٢ : ٤٩ ، المناقب ٣ : ١٩٨.