فلمّا كان اليوم الثاني أخذت صاعا فطحنته واختبزته وقدّمته إلى عليّ عليه السلام فإذا يتيم بالباب يستطعم ، فأعطوه ولم يذوقوا إلّا الماء.
فلمّا كان اليوم الثالث عمدت إلى الباقي فطحنته واختبزته وقدّمته إلى عليّ عليه السلام فإذا أسير بالباب استطعم ، فأعطوه ولم يذوقوا إلّا الماء.
فلمّا كان اليوم الرابع وقد قضوا نذورهم أتى عليّ عليه السلام ومعه الحسن والحسين إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وبهم ضعف ، فلمّا أبصرهم وهم يرتعشون من شدّة الجوع بكى وقال : ما أشدّ ما أرى بكم! فقام وانطلق معهم ، فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها ، وغارت عيناها ، فعند ذلك نزل جبرئيل عليه السلام فقال : خذها يا محمّد في أهل بيتك.
وروي أنّ السائل في الليالي الثلاثة كان جبرئيل ؛ أراد بذلك ابتلاءهم بإذن الله تعالى.
الأوّل : هذه الرواية معتبرة عند الإماميّة وأكثر العامّة ، حيث ذكروها في كتبهم المشهورة بطرق مختلفة مؤدّاها واحد ، وهي دالّة على أنّ السورة نزلت في المدينة.
ويدلّ على ذلك أخبار مستفيضة تكشف عن محلّ نزول السور القرآنيّة ، ومن جملتها ما روي عن عليّ عليه السلام أنّه قال : سألت النبيّ صلّى الله عليه وآله عن ثواب القرآن فأخبرني بثواب سورة سورة على نحو ما نزلت من السماء ، فأوّل ما نزل عليه بمكّة فاتحة الكتاب ، ثمّ اقرأ باسم ربّك ، ثمّ نون إلى أن قال :