استغراقه في لجّة التوحيد ، بحيث لا يرى ثمّة إلّا الوجه الباقي لله الواحد القهّار.
وهذا هو مقام جمع الجمع وعين الجمع الّذي يظهر فيه سرّ الربّانيّة ، ونور الصمدانيّة ، في جميع جهات العبد :
گفتمش كى زتو يابم اثرى گفت اندم |
|
كه نماند زتو اندر دو جهان هيچ اثر |
گفتمش هيچ توان در تو رسيدن گفت |
|
در من آنكس برسد كو كند از خويش گذر |
قال الله تعالى :
(إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً).
أقول : لقد أشار تعالى في تلك الآية إلى خسران الّذين اتّبعوا أهواءهم ، واستراحت أنفسهم بقضاء قضاياها وما اشتهته من الأمور المضلّة الّتي بها تغلب على العقل وجنوده ، ويطفأ نور ملكوتيّته ، فاختاروا اللذّات الحسّيّة العاجلة الفانية على اللذّات الحقيقيّة الدائمة ، حيث ما اتّبعوا النبيّ صلّى الله عليه وآله في أوامره ونواهيه وأفعاله من العبادات والرياضات المذكورة من السجود بالتذلّل عند حضرة الحقّ ، والتسبيح والتقديس لذاته المجرّدة عن صفات كلّ ما في الإمكان من العيب والنقصان ، فلو كانوا متّبعين له حقّ الاتّباع ، متأسّين به في تلك الرياضات لما اشتروا اللذّة العاجلة باللذّة الروحانيّة الباقية ، لأنّهم حينئذ يجدون اللذّات الروحانيّة بكسر شهوات النفس بالمتابعة والانقياد ، فيستغنون بها عن اللذّة العاجلة ؛ إذ الواجد للأعلى