أي هيّأت للّذين عبدوني خالصين مخلصين صالحين في أفعالهم لذّات روحانيّة لطيفة لا تدركها الأعين الظاهرة ، والأذن الجسمانيّة ، والقلوب البشريّة العنصريّة ، كيف ولإدراك كلّ مدرك آلة مناسبة له ولا مناسبة بين اللذّات الروحانيّة الملكوتيّة وبين الجوارح الجسمانيّة الناسوتيّة.
فقوله : «بله ما اطّلعتم عليه» معناه : إنّ إدراك الروحانيّات غير ممكن بالآلة الجسمانيّة إلّا على طريق الإجمال الّذي [هو] عبارة عن العلم الحاصل لا بطريق اليقين الدركيّ ، فإنّه ينافي التفصيل الّذي [هو] عبارة عن مقام حقّ اليقين. هذا ما سنح لي الآن في تأويل الحديث.
وقد قيل فيه وجوه أخرى تطول بذكرها الرسالة.
الأولى : قال الطبرسيّ رحمه الله : «الأبرار» جمع البرّ ، وهو المطيع لله المحسن في أفعاله (١).
وقال الحسن : هم الّذين لا يؤذون الذرّ ، ولا يرضون الشرّ.
وقيل : هم الّذين يقضون الحقوق اللازمة والنافلة.
وقد أجمع أهل البيت وموافقوهم وكثير من مخالفيهم على أنّ المراد بذلك : عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، والآية مع ما بعدها متعيّنة فيهم.
وأيضا : فقد انعقد الإجماع على أنّهم كانوا أبرارا وفي غيرهم خلاف. انتهى.
__________________
(١) مجمع البيان ، المجلّد ٥ : ٦١٦.