على صدق دعوانا متواترة ، وقاعدة صحّة النفي الفارقة بين الصفات الفعليّة والذاتيّة تدلّك على ما اخترناه ، وهنا تفاصيل تطلب من الكتب المفصّلة.
الثالثة : قيل : في الآية دلالة على بطلان القول بالتفويض ، أي تفويض الله جميع امور عباده إلى أنفسهم أو إلى المعصومين من محمّد صلّى الله عليه وآله وعترته عليهم السلام.
ويؤيّده ما روي من أنّ القائم عليه السلام سئل عن المفوّضة ، فقال : كذبوا ، بل قلوبنا أوعية لمشيّة الله ، فإذا شاء شئنا ، ثمّ تلا هذه الآية (١).
وتفصيل القول في تلك المسألة يطلب من محلّ آخر.
الرابعة : قد استدلّ جماعة من المجبّرة بتلك الآية على صدق دعواهم ، وقد عرفت ما فسّرناها به ، وهو يبطل الاستدلال قطعا ، وحيث انتهى القول إلى ذلك المقام فلا بأس بإشارة إجماليّة إلى مسألة الجبر والتفويض ، وذكر الأقوال فيها.
فنقول : قد اختلف في أفعال العباد على أقوال :
الأوّل ـ وهو مذهب الإماميّة كافّة ـ أنّ أفعالهم إنّما هي باختيارهم وإرادتهم وقدرتهم بإعانة الحقّ إن كانت طاعة ، وبخذلانه إن كانت معصية.
وهذا هو الأمر بين الأمرين الّذي أشير إليه في بعض الأخبار.
ويدلّ عليه ما في العيون من أنّه سئل من الرضا عليه السلام : هل لله مشيّة وإرادة في ذلك ، أي في الفعل؟ فقال : فأمّا الطاعات ، فإرادة الله ، ومشيّته فيها
__________________
(١) انظر : الغيبة ، للطوسيّ : ٢٤٦.