النفسيّة ، فمن فقد حسّا فقد علما.
ثمّ أوضح له بواسطة أن آتاه العقل السليم سبيل الهدى والضلال ، فقوله : (إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) حالان من فعل «هديناه» أي مكّنّاه وأقدرناه في هاتين الحالتين فعلى هذا ، تقديره : هديناه السبيل ، فيكون إمّا شاكرا وإمّا كفورا ، وفيه جهة الوعيد ، أي وإن شاء فليكفر ، وإن شاء فليشكر.
أقول : لا يخفى أن تقديره بقوله فيكون إمّا شاكرا ... ينافي ما بنى عليه من كونهما حالين ، لأنّهما على تقديره يكونان خبرين لفعل «الكون» المحذوف.
وقيل : هما حالان من السبيل على الإسناد المجازيّ. وفيه ما لا يخفى من التكلّف.
السادسة : قيل إنّ «إمّا» في الآية للتفصيل وهو المشهور.
وقيل : للإبهام ؛ كما في قوله : (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ) (١) فالمعنى هديناه السبيل ثمّ جعلناه تارة شاكرا وتارة كفورا.
وقيل : للشرط ، وأصلها «إن» و «ما» زائدة للتأكيد ؛ كما في قوله : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) (٢).
قيل : وفيه نظر ، لوجوب أن يلي أداة الشرط الفعل ، ولا فعل في الكلام وفيه أنّ المقدّر كالمذكور ؛ إذ التقدير : إمّا كان شاكرا فنكرمه بالجنّة ، وإمّا كان كافرا فندخله النار ولا يخفى ما فيه من التكلّف.
__________________
(١) التوبة : ١٠٦.
(٢) البقرة : ٣٨ ، طه : ١٢٣.