فقوله : «مثلا ما» ها هنا ، صلة (١) ؛ أي : يضرب مثلا بعوضة ؛ أي : مقدار بعوضة. «فما فوقها» ، من الذّباب والعنكبوت.
وقال أبو عبيدة والقتيبيّ : «فما فوقها» ؛ أي : فما دونها ، في الصغر (٢).
وقال الطّبريّ : «لا يستحيي» ، ها هنا ، بمعنى : لا يخشى (٣).
ونصب بعوضة ، على البدل من «المثل».
وقيل : «إنّ الله لا يستحيي أن يضرب مثلا» ، لأنّ المثل من الله لا يكون إلّا حقّا ، والله لا يستحيي من الحقّ (٤). (ألا ترى إلى قوله) (٥) : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) (٦).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ (٢٦)) ؛ أي : وما يعاقب (٧) به إلّا الفاسقين ؛ أي : العاصين الخارجين عن أمره المستحقّين لذلك.
وأصل الفسق : الخروج من الأمر ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) (٨) ؛ يعني إبليس ـ لعنه الله ـ. ومنه فسقت الرّطبة : إذا خرجت من قشرها.
__________________
(١) أي : «ما» هاهنا صلة.
(٢) تفسير الطبري ١ / ١٤٠ من دون إشارة إلى القائل.
(٣) تفسير الطبري ١ / ١٤٠.
(٤) تفسير الطبري ١ / ١٣٩ ، التبيان ١ / ١١١.
(٥) ليس في ج.
(٦) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً).
(٧) أ : يغالب.
(٨) الكهف (١٨) / ٥٠.