وقوله ـ تعالى ـ : (أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) :
قال الكلبيّ : سواء خوّفتهم بالقرآن أم لم تخوّفهم لا يصدّقون (١).
ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ : سواء وعظتهم أم لم تعظهم لا يؤمنون (٢).
وأصل الكفر : التّغطية. ومنه سمّي الأكّار (٣) كافرا ؛ لتغطيته الحبّ في الأرض. ومنه تكفّر فلان في (٤) السّلاح ؛ أي : تغطّى. ومنه قول الشّاعر :
في ليلة كفّر النّجوم غمامها (٥)
أي : غطّاها الغمام ، الّذي هو السّحاب ، الّذي يستر السّماء.
قوله ـ تعالى ـ : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ) ؛ أي : شهد عليها ، بأنّها لا تقبل الحقّ ، ولا تسمعه ، ولا تلتفت إليه. ومنه قولهم للمخاطب : اختم على كلّ ما يقوله فلان ؛ أي (٦) : اشهد.
وقيل : جعل الله قبح أعمالهم ختما على قلوبهم ؛ مثل قوله ـ تعالى ـ : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ) (٧) ؛ أي : طبع عليها (٨). وقوله : (ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ
__________________
(١ ، ٢) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(٣) الأكار : الحراث. لسان العرب ٤ / ٢٦ مادة «أكر».
(٤) د : من.
(٥) للبيد بن ربيعة. تفسير الطبري ١ / ٨٦.
(٦) ليس في د.
(٧) المطففين (٨٣) / ١٤.
(٨) روى الكليني عن أبي علي الأشعري ، عن عيسى بن أيوب ، عن علي بن مهزيار ، عن القاسم بن عروة ، عن ابن بكير ، عن زرارة عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ ، قال : ما من عبد إلا وفي قلبه نكتة بيضاء فإذا أذنب ذنبا خرج في النكتة نكتة سوداء ، فإن تاب ذهب ذلك السواد ، وإن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطى البياض فإذا غطى البياض لم يرجع صاحبه إلى