(قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ) وقرأ طاوس : قل إصلاح إليهم خير بمعنى الإصلاح لأموالهم من غير أجرة. ومن غير عوض عنهم خير وأعظم أجرا.
(وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ) فتشاركوهم في أموالهم وتخالطوها بأموالكم في نفقاتكم ومطاعمكم ومساكنكم وخدمكم ودوابّكم ، فتصيبوا من أموالهم عوضا عن قيامكم بأمورهم وتكافئوهم على ما تصيبون من أموالهم (فَإِخْوانُكُمْ) أي فهم إخوانكم ، وقرأ أبو مجلز : فإخوانكم نصيبا أي فخالطوا إخوانكم أو فإخوانكم تخالطون والإخوان يعين بعضهم بعضا ونصب أعينهم.
يقال : بعض على وجه الإصلاح والرضا قالت عائشة : إنّي لأكره أن يكون مال اليتيم عندي كالغرة حتّى أخلط طعامه بطعامي وشرابه بشرابي.
ثم قال : (وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) لها فاتقوا الله في مال اليتامى ، ولا تجعلوا مخالفتكم إيّاهم ذريعة إلى إفساد أموالهم وأكلها بغير حق (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ) لضيّق عليكم وآثمكم في ظلمكم إيّاهم قال ابن عباس : ولو شاء الله لجعل ما أصبتم من أموال اليتامى موبقا.
وأصل العنت الشدّة والمشقّة يقال : عقبه عنوت أي شاقه كؤود ، وقال الزجاج : أصل العنت أن يحدث في رجل البعير كسر بعد جبر حتّى لا يمكنه أن يمشي. قال القطامي :
فما هم صالحوا من ينتقى عنتي |
|
ولا هم كدّروا الخير الذي فعلوا (١) |
(وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) الآية نزلت في عمّار بن أبي مرثد الغنوي.
وقال مقاتل : هو أبو مرثد الغنوي واسمه أيمن ، وقال عطاء : هو أبو مرثد عمّار بن الحصين ، وكان شجاعا قويا ، فبعثه رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى مكة ليخرج منها ناسا من المسلمين سرّا ، فلمّا قدمها سمعت به امرأة مشركة يقال لها عناق ، وكانت خليلته في الجاهلية فأتته قالت : يا مرثد ألا تخلو؟ فقال لها : ويحك يا عناق إنّ الإسلام قد حال بيننا وبين ذلك ، فقالت : فهل لك أن تتزوّج بي فقال : نعم ولكن أرجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاستأمره ثم أتزوّجك ، فقالت : أبيّ تتبرم (٢) ، ثمّ استغاثت عليه فضربوه ضربا شديدا ثم خلّوا سبيله ، فلمّا قضى حاجته بمكة وانصرف إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أعلمه الذي كان من أمره وأمر عناق وما لقي بسببها وقال : يا رسول الله أتحلّ لي أن أتزوجها؟ فأنزل الله تعالى (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) أي لا تتزوجوا منهن حتّى يؤمنّ (٣).
قال المفضل : أصل النكاح الجماع ، ثم كثر ذلك حتّى قيل للعقد نكاح ، كما قيل :
__________________
(١) أمالي المرتضى : ٣ / ١٠٤.
(٢) كذا في المخطوط.
(٣) زاد المسير لابن الجوزي : ١ / ٢٢١.