وقال لها : لئن راجعته لا أكلمك أبدا ، وقال لزوجها : أفرشتك كريمتي وآثرتك بها على قومي فطلّقتها ، ثم لم تراجعها حتّى إذا انقضت عدّتها جئت تخطبها ، والله لا أنكحك بها أبدا ، وحمى أنفا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فدعا رسول الله معقلا وتلاها عليه ، فقال : فإني أؤمن بالله واليوم الآخر ، فأنكحها إيّاه وكفّر يمينه على قول أكثر المفسّرين.
وقال السدّي : نزلت هذه الآية في جابر بن عبد الله الأنصاري ، وكانت له بنت عم فطلّقها زوجها تطليقة واحدة وانقضت عدّتها ثم أراد رجعتها ، فأتى جابر فقال : طلّقت ابنة عمي ثم تريد أن تنكحها الثانية ، وكانت المرأة تريد زوجها فأنزل الله (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَ) فانقضت عدّتهن قال الزجّاج : الأجل آخر المدة وعاقبة الأمور ، قال لبيد :
فاخرها بالبرّ لله الأجل
يريد عاقبة الأمور.
(فَلا تَعْضُلُوهُنَ) فلا تمنعوهنّ ، والعضل : المنع من التزوّج ، وأنشد الأخفش :
ونحن عضلنا بالرماح لسانا |
|
وما فيكم عن حرمة له عاضل |
وأنشد :
وأن قصائدي لك فاصطنعني |
|
كرائم قد عضلن عن النكاح |
وأصل العضل الضيق والشدّة ، يقال : عضلت المرأة والشاة إذا تشبث ولدهما في بطنهما فضاق عليه الخروج ، وعضلت الدجاجة إذا تشبّث البيض فيها ، وعضل الفضاء بالجلّس إذا ضاق عليهم لكثرتهم ، ويقال : ذا عضال إذا ضاق علاجه فلا يطاق ، ويقال : عضل الأمر إذا اشتدّ وضاق.
قال عمر رضياللهعنه : أعضل أهل الكوفة لا يرضون بأمير ولا يرضاهم أمير ، وقال أوس بن حجر :
وليس أخوك الدائم العهد بالذي |
|
يذمّك إن ولّى ويرضيك مقبلا |
ولكنّه النائي إذا كنت آمنا |
|
وصاحبك الأدنى إذا الأمر أعضلا (١) |
قال طاوس : لقد وردت عضل أقضية ما قام بها إلّا ابن عباس ، وكل مشكل عند العرب معضل ومنه قول الشافعي :
إذا المعضلات بعدن عني |
|
كشفت حقائقها بالنظر |
(أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَ) الأوّل بنكاح جديد (إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) بعقد حلال
__________________
(١) جامع البيان للطبري : ٢ / ٦٦١.