ومهر جائز ، ونظم الآية : فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ بالمعروف إذا تراضوا بينهم ، وفي هذه الآية دليل قول من قال : لا نكاح إلّا بولي لأنه تعالى خاطب الأولياء في التزويج ، ولو كان للمرأة إنكاح نفسها لم يكن هناك عضل ولا لنهي الله الأولياء عن العضل معنى ، يدلّ عليه ما روى أبو بردة عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا نكاح إلّا بولي» [١٥٣] (١).
(ذلِكَ) أي ذلك الذي ذكرت من النهي (يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) وإنما قال ذلك موحدا والخطاب للأولياء ؛ لأنّ الأصل في مخاطبة الجمع ذلكم ثم كثر ذلك حتى توهّموا أنّ الكاف من نفس الحرف ، وليس بكاف الخطاب ، فقالوا ذلك ، وإذا قالوا هذا كانت الكاف موحدة منصوبة في الآيتين والجمع والمذكر والمؤنث.
وقيل : ها هنا خطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم فلذلك وحّده ثم رجع إلى خطاب المؤمنين ، فقال عزّ من قائل (ذلِكُمْ أَزْكى) خير وأفضل (لَكُمْ وَأَطْهَرُ) لقلوبكم من الريبة وذلك أنهما إذا كان في نفس كل واحد منهما علاقة حبّ لم يؤمن بأن يتجاوز ذلك إلى غير ما أحلّ الله لهما ، ولم يؤمن من أوليائهما إن سبق إلى قلوبهم منهما لعلّهما أن يكونا بريئين من ذلك فيأثمون.
(وَاللهُ يَعْلَمُ) من خبر كل واحد منهما لصاحبه (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
(وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٣) وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٣٤))
(وَالْوالِداتُ) المطلقات اللاتي لهنّ أولاد من أزواجهنّ المطلقين ولدنهم قبل الطلاق أو بعده (يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَ) يعني أنهنّ أحق برضاعهنّ من غيرهنّ ، أمر استحباب لا أمر إيجاب من أنه رضاعهن عليهنّ لأنه سبحانه وتعالى قال في سورة الطلاق (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) إلى (لَهُ أُخْرى) (٢).
ثم بيّن حدّ الرضاع فقال : (حَوْلَيْنِ) أي سنتين ، وأصله من قولهم : حال الشيء إذا انتقل وتغيّر (كامِلَيْنِ) على التأكيد كقوله (تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) ، وقال أهل المعاني : إنما قال (كامِلَيْنِ)
__________________
(١) مسند أحمد : ٤ / ٣٩٤.
(٢) سورة الطلاق : ٦.