الحقوق ويدفع بهم الظلم» [٢٠٨] (١).
خارجة بن نور عن عبد الرحمن بن عبيد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من حبس ذكر حقّ بعد ما تقبض ما فيه ثلاثا فعليه قيراط من الإثم» [٢٠٩].
(أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى). قرأ الأعمش وحمزة : «إِنْ» بكسر الألف (فتذكرُ) رفعا ، ومعناه الجزاء والابتداء ، وموضع (تَضِلَّ) جزم للجزاء إلّا أنّه لا يتبيّن في التضعيف (فَتُذَكِّرَ) رفع لأن ما بعد فاء الجزاء مبتدأ.
وقراءة العامّة بنصب الألف ، فالفاء على الاتصال بالكلام الأوّل وموضع (أَنْ) نصب بنزع حرف الصفة يعني لأنّ ، و (تَضِلَّ) محلّه نصب بأن (فَتُذَكِّرَ) مسوّق عليه. ومعنى الآية : فرجل وامرأتان كي تذكّر إحداهما الأخرى إنّ ضلّت.
وهذا من المقدّم والمؤخّر ، كقولك : إنّه ليعجبني أن يسأل فيعطى ، يعني : يعجبني أن تعطي السائل إذا سأل ؛ لأن العطاء تعجّب لا السؤال. قال الله : (وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً) (٢) الآية.
ومعناه : لولا أن يقولوا إذا أصابتهم مصيبة : هلّا أرسلت إلينا رسولا.
ومعنى قوله (أَنْ تَضِلَّ) : أي تنسى ، كقوله : (لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى) (٣). وقوله : (قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) (٤) و (حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا) (٥) وذهاب قول العرب : ضلّ الماء في اللبن ، وقال الله : (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ) (٦) وقرأ عاصم الجحدري : أن تُضلّ أحداهما بضمّ التاء وفتح الضاد على المجهول ، وقرأ زيد بن أسلم : فتذكّر من المذاكرة.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وأبو حاتم وقتيبة : فتذكر خفيفه ، وقرأ الباقون مشددا.
وذكّر وأذكر بمعنى واحد كما يقال : نزّل وأنزل وكرّم وأكرم ، وهما معها الذكر الذي هو [ضد] النسيان قال الشاعر :
تذكرنيه الشمس عند طلوعها |
|
وتعرض ذكراه إذا غربها أفل (٧) |
__________________
(١) كنز العمال : ٧ / ١٢ ح ١٧٧٣٣.
(٢) سورة القصص : ٤٧.
(٣) سورة طه : ٥٢.
(٤) سورة الشعراء : ٢٠.
(٥) سورة النحل : ٣٦.
(٦) سورة السجدة : ١٠.
(٧) تفسير القرطبي : ١٤ / ١١٨.