قال الكلبي : كانت بنو إسرائيل إذا نسوا شيئا ممّا أمروا به وأخطئوا ، عجّلت لهم العقوبة فيحرّم عليهم شيء من مطعم أو مشرب على حسب ذلك الذنب ، فأمر الله تعالى نبيّه والمؤمنين أن يسألوه ترك مؤاخذتهم بذلك.
وقال بعضهم : هو من النسيان الذي هو الترك والإغفال. قال الله تعالى : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ). والأوّل أجود.
(أَوْ أَخْطَأْنا). جعله بعضهم من القصد والعمد ، يقال : خطيء فلان إذا تعمّد يخطأ خطأ وخطأ.
قال الله : (إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً). وأنشد [أمية بن أبي الصلت] (١) :
عبادك يخطئون وأنت ربّ |
|
يكفّيك المنايا والحتوم (٢) |
وجعله الآخرون من الخطأ الذي هو الجهل والسهو وهو الأصح ؛ لأن ما كان عمدا من الذنب غير معفو عنه ، بل هو في مشيئة الله تعالى ما لم يكن كفرا.
قال عطاء : (إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا). يعني إن جهلنا أو تعمّدنا له.
وقال ابن زيد : (إِنْ نَسِينا) شيئا ممّا افترضته علينا ، (أَوْ أَخْطَأْنا) شيئا ممّا حرّمته علينا.
وقال الزهري : سمع عمر رجلا يقول : اللهمّ [اغفر] لي خطاياي ، فقال : إن الخطايا مغفور ولكن قل : اللهمّ أغفر لي عمدي.
قال النبطي : وحدّثنا ابن فنجويه قال : حدّثنا عبد الله بن محمد بن شنبة قال : حدّثنا عبد الله بن المصفّى السكري قال : حدّثنا محمد بن المصلّى المحمدي ، قال : حدّثنا الوليد قال : حدّثنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «رفع عن أمّتي الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه».
(رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً). قال بعضهم : يعني عهدا وعقدا وميثاقا لا نطيق ذلك ولا نستطيع القيام به فتعذبنا بنقصه (كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا). يعني اليهود فلم يقوموا به فأهلكتهم وعذّبتهم ، هذا قول مجاهد وعطاء وقتادة والضحاك والربيع ومقاتل والسدي والكلبي وابن جريج والفراء ، ورواية عطيّة وعلي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، يدلّ عليه قوله : (وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي) (٣) أي عهدي.
__________________
(١) بياض في المخطوط وما أثبتناه من المصادر.
(٢) تفسير الطبري : ١٢ / ٢٥٨ ، وكتاب العين للفراهيدي : ٣ / ١٩٥.
(٣) سورة آل عمران : ٨١.