فقمنا ولما يصح ديكنا |
|
إلى جونة عند حدادها (١) |
يعني صاحبها الذي يحفظها ويمنعها.
قال النابغة : إلّا سليمان إذ قال المليك له قم في البرية فاحددها عن الفند (٢) ، ومنه حدود الأرض ، والدار هي ما منع غيره أن يدخل فيها ، وسمي الحديد حديدا لأنه يمتنع من الأحداء ، ويقال أحدّت المرأة على زوجها وحدّت إذا منعت نفسها من الزينة ، فحدّد الله هي ما منع فيها أو منع من مخالفتها والتعدّي إلى غيرها.
(فَلا تَقْرَبُوها) فلا تأتوها ، يقال : قربت الشيء أقربه وقربت منه بضم الراء إذا دنوت منه.
(كَذلِكَ) هكذا (يُبَيِّنُ اللهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) لكي يتقوها فنجّوا من السخطة والعذاب.
(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٨) يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٨٩))
(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) الآية.
قال ابن حيان وابن السائب : نزلت هذه في امرؤ القيس بن عابس الكندي وفي عبدان بن أشرح الحضرمي ، وذلك إنهما اختصما إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم في أرض فأراد امرؤ القيس أن يحلف فأنزل الله (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ) فقرأها النبيّ صلىاللهعليهوسلم فأبى أن يحلف وحكم عبدان في أرضه ولا يخاصمه.
فقرأها النبيّ صلىاللهعليهوسلم وكان امرؤ القيس المطلوب وعبدان الطالب فأنزل الله عزوجل (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) الآية أيّ لا يأكل بعضكم مال بعض ، (بِالْباطِلِ) أي من غير الوجه الذي أباحه الله تعالى له ، وأصل الباطل الشيء الذاهب الزائل يقال : بطل يبطل بطولا وبطلانا إذا ذهب.
(وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ) أي تلقون أمور تلك الأموال بينكم وبين أربابها إلى الحكام ، وأصل الأدلاء إرسال الدلو وإلقاءه في البئر ، يقال أدلى دلوه إذا أرسلها.
__________________
(١) راجع زاد المسير : ١ / ١٧٦ ، والجونة : الخابية المطلية بالقار ، والمراد ما فيها من الخمر.
(٢) لسان العرب : ٣ / ١٤٢ ، وفيه : الإله ، بدل المليك.