وعن يوسف بن محمد بن عبد الحميد بن زياد بن صهيب عن أبيه عن جده صهيب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من أدان بدين وهو مجمع أن لا يفي به لقى الله عزوجل سارقا ، ومن أصدق امرأة صداقا وهو مجمع على أن لا يوفيها لقى الله عزوجل زانيا» (١) [٢٣٥].
(فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) يعني فإن طابت نفوسهنّ بشيء من ذلك فوهبن منكم فنقل الفعل من النفوس إلى أصحابها ، فخرجت النفس مفسرة ، ولذلك وحدّ النفس ، كما يقال : ضاق به ذرعا وقرّ به عينا ، قال الله تعالى : (وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) (٢).
وقال بعض نحاة الكوفة : لفظها واحد ومعناها جمع ، والعرب تفعل ذلك كثيرا.
قال الشاعر :
بها جيف الحسرى فأما عظامها |
|
فبيض وأما جلدها فصليب (٣) |
وقال آخر :
في حلقكم عظم وقد شجينا (٤)
وقال بعض نحاة البصرة :
إذا ما دنا الليل المضي بذي الهوى (٥)
والهوى مصدر ، والمصادر لا تجمع (فَكُلُوهُ) أي خذوه واقبلوه (هَنِيئاً مَرِيئاً) قال الحضرمي : إن أناسا كانوا يتأثمون أن يرجع أحدهم في شيء ممّا ساق إلى امرأته ، فقال الله : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) من غير إكراه ولا خديعة (فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) أي سائغا طيبا ، وهو مأخوذ من هنّات البعير إذا عالجته بالقطران من الجرب ، معناه فكلوه هنيئا شافيا معافيا ، هنأني الطعام يهنيني بفتح النون في الماضي وكسره في الغابر يهنيني يهناني على الضد وهي قليلة ، والمصدر منهما هنؤ يقال : هنأني ومرأني بغير ألف فيها ، فإذا أفردوا قالوا : أمرأني بالألف وقيل الهنيء الطيب المتاع الذي لا ينغصه شيء ، والمريء المحمود العاقبة التام الهظم الذي لا يضر ولا يؤذي ، يقول : لا تخافون في الدنيا مطالبة ولا في الآخرة تبعة ، يدل عليه ما روى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه سأل عن هذه الآية (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) قال : «إذا جادت لزوجها بالعطية غير مكرهة لا يقضي به عليكم سلطان ولا يؤاخذكم الله تعالى به في الآخرة» (٦) [٢٣٦].
__________________
(١) المعجم الكبير : ٨ / ٣٥ ، كنز العمال : ١٦ / ٣٢٢ ح ٤٤٧٢٤.
(٢) سورة العنكبوت : ٣٣.
(٣) تفسير الطبري : ٤ / ٣٢٥.
(٤) تفسير الطبري : ٤ / ٣٢٥.
(٥) البداية والنهاية : ١٠ / ٢٢٥.
(٦) تفسير القرطبي : ٥ / ٢٧.