بل من بذل جهده في إيجاد جميع ما هو مطلوب لمحبوبه ، ولو بعنوان الاحتمال ، وبمحض أنّه لعلّ المحبوب يحبّ هذا ، يرتكبه ليس مرتبته بحسب عرف العقلاء ، بل وبحسب الشرع أيضا ، مثل مرتبة المقتصر على القدر اليقيني من المطلوب ، كما أنّ مرتبة من ارتكب المستحبّات والواجبات ، ليس مثل مرتبة من اقتصر على الواجبات.
فإنّ الأوّل باحتمال أن يكون المحبوب يحبّه ولا مانع منه ، يرغب ويحرص في إيجاده ، فهو في غاية مرتبة من الإطاعة العرفيّة واللغويّة والشرعيّة ، حيث قال تعالى (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) (١) وغير ذلك ، وهي موكولة إلى اللغة والعرف بلا شبهة ، وكذا في غاية مرتبة من النصح للأئمّة عليهمالسلام ، ورد فيه أيضا ما ورد (٢) ، وفي غاية مرتبة من المسارعة إلى تحقّق مطالب الشرع ومقاصده ، وورد فيه أيضا ما ورد (٣).
بل من ارتكب مباحا بملاحظة أنّ الله تعالى أباحه ، وفعله من هذه الجهة والحيثيّة ، لعلّه تصير حسنة ووسيلة إلى التقرّب ، وجالبة للمحبّة بلا شبهة ، وورد في تحصيل محبّة الله ما ورد (٤) ، وأيضا ربّما يرتكب من حيث أنّه نسب إلى الله تعالى أنّه أحبّه واستحسنه ، وهذا أيضا طريق آخر للمسامحة (٥).
ولعلّ ما ورد من أنّه من بلغه شيء من الثواب من طرف الله تعالى على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب يعطيه الله تعالى (٦) من جهة أنّه عمل بما نسب
__________________
(١) النساء (٤) : ٥٩.
(٢) بحار الأنوار : ٢٧ / ٦٧ ـ ٧٣.
(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ١ / ١١١ الباب ٢٧ من أبواب مقدّمة العبادات.
(٤) لاحظ! بحار الأنوار : ٦٧ / ١٣ باب حبّ الله تعالى.
(٥) في (ز ١) و (ط) : طريق آخر بل حجّة.
(٦) لاحظ! وسائل الشيعة : ١ / ٨٠ الباب ١٨ من أبواب مقدّمة العبادات.