مع أنّه يذكر هنا أنّه لا خلاف في احتسابهم من العدد ، وهو صريح في أنّه ليس شرطا في العدد ، فكان اللازم عليه أن يجعله شرطا للوجوب دون العدد ، كالمرض والعمى وأمثالهما.
ويمكن أن يقال : قوله : (حاضر) ، في ذكر شرائط الوجوب أعمّ من غير المسافر وغير البعيد بفرسخين ، والظاهر أنّه كذلك.
وأمّا تقييد الأربعة بكونهم غير بعيدين ، فإنّه قيّد ذلك القيد بقوله : «جميعا» ، أي لا يكون جميع الأربعة ومجموعهم بعيدين.
ويمكن أن يكون مراده : لا يكونون مع الإمام جميعا غير بعيدين ، وهذا غير احتسابهم من العدد ، فإنّ الظاهر من قوله : احتسابهم من العدد ، أن يكون واحدا من العدد أو اثنين ـ مثلا ـ منهم ، لا أن يكون المجموع من حيث المجموع بعيدين ، إذ لا شبهة في أنّ المسافرين لا يجب عليهم الجمعة ، بل فرضهم الظهر ، كما عرفت.
وكذلك الحال في البعيدين عنده ، بأن لا يظهر تفاوت بينهم وبين المسافر في ذلك.
وممّا ذكرنا ظهر أنّ ما نقلناه سابقا عن الشهيد في بحث شرائط العدد من وقوع الاتّفاق على صحة الجمعة بجماعة المسافرين (١) فاسد البتة ، بل مخالف لإجماعهم ، إذ قلّما يتحقّق السفر بجماعة أقلّ من خمسة ، بل غالبا أكثر ، وكثيرا ما يكون فيهم من يصلّى بهم جماعة.
فلو كانت في السفر واجبة عليهم بالوجوب التخييرى بل مستحبّة بالاستحباب العيني ، لما كانوا يتركونها بالمرّة البتة ، فلا شكّ في الترك بالمرة ولا شبهة ، وأنّ ذلك المدار في الأعصار والأمصار ، والظاهر أنّ الحال في البعيدين أيضا
__________________
(١) ذكرى الشيعة : ٤ / ١١٧.