والعمومات مخصّصة بما ذكرنا من الأدلّة ، والخصوص لا يقاومها من حيث العدد والسند والفتاوى والإجماع المذكور ، وحمل على ما إذا سافروا إلى غير ما يختلفون فيه ، أي : السفر الذي ليس صنعتهم وعملهم ، مثل : السفر إلى الحجّ أو الزيارة إذا كان المقصود بالذات هو الحجّ والزيارة لا ما هو الصنعة.
ويدلّ على ذلك رواية السكوني السابقة (١) ، والحقّ أنّها صحيحة ، لأنّ السكوني ثقة على ما حقّق في محلّه (٢) ، مع أنّ ابن المغيرة ممّن أجمعت العصابة (٣).
ووجه الدلالة أنّ الظاهر منها أنّ الجابي يتمّ في جبايته ، وقس عليه غيره من المذكورين.
ويدلّ عليه أيضا ما دلّ على أنّ الأعراب يتمّون ، لأنّ بيوتهم معهم (٤) ، إذ يفهم من العلّة أنّهم لو سافروا عن بيتهم لا يتمّون.
والصحيحة الدالّة على أنّ علّة الإتمام كون السفر عملهم (٥) ويدلّ مفهوم العلّة على أنّه لو لم يكن عملهم لا يتمّون ، والمفروض كون هذا السفر غير سفر عملهم ، مثلا يسافر إلى الحجّ وقصده أن يحجّ ، يخرج معه دوابّه أم لا يخرج؟ يكريها فيه أم لا يكري؟
بل لو لم تكن دابّته من دوابّه معه يسافر أيضا ، لأنّ الداعي هو الحجّ ، وهو المحرّك ، غاية ما في الباب أنّه يركب دابّته ، لأنّه أسهل عليه ، وربّما يكري باقي دوابّه أيضا ، لأنّه أنفع له وأولى ، لا أنّه المقصود بالذات ، والمحرّك له والموقع إيّاه فيه.
__________________
(١) راجع! الصفحة : ١٤٩ من هذا الكتاب.
(٢) تعليقات على منهج المقال : ٥٥ ـ ٥٧.
(٣) رجال الكشّي : ٢ / ٨٣٠ الرقم ١٠٥٠.
(٤) راجع! الصفحة : ١٤٨ من هذا الكتاب.
(٥) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٨٧ الحديث ١١٢٤٤.