يختلفون؟ فقال : «إذا جدّوا السير فليقصّروا» (١).
وهما وإن كانا صحيحين ، إلّا أنّ عدم عمل الأصحاب بهما يوجب شذوذهما ، وورد عنهم عليهمالسلام : الأمر بترك الشاذّ (٢) ، والأصحاب أيضا متّفقون على ترك العمل بما هو شاذّ ، يظهر ذلك على المطّلع المتتبّع.
وإذا كان النقّادون (٣) الخبيرون المطّلعون الشاهدون اتّفقوا على ترك العمل فكيف يبقى وثوق؟ ولا دليل على حجيّة مثله.
وكما أنّ العدالة والفقاهة وأمثالهما ـ ممّا أمر الأئمّة عليهمالسلام باعتباره في مقام ترجيحات الأخبار وغيره (٤) ـ إنّما يثبت لنا من أقوال الفقهاء وطريقتهم في الاصول ، فكذلك الشذوذ والاشتهار بين الأصحاب ، فتأمّل جدّا!
فلما ذكر ترك العمل بظاهرهما ـ مضافا إلى ما ستعرف ـ واختلفوا في تنزيلهما ، فقال الشيخ : الوجه فيهما ما ذكره الكليني رحمهالله من أنّهما محمولان على من يجعل المنزلين منزلا (٥) ، فيقصّر في الطريق ، ويتمّ في المنزل (٦).
واستشهد له بما رواه مرسلا ومرفوعا إلى الصادق عليهالسلام أنّه قال : «الجمّال والمكاري إذا جدّ بهما السير فليقصّرا فيما بين المنزلين ويتما في المنزل» (٧).
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢١٥ الحديث ٥٢٩ ، الاستبصار : ١ / ٢٣٣ الحديث ٨٣١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٩٠ الحديث ١١٢٥٢.
(٢) الكافي : ١ / ٦٧ الحديث ١٠ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦ الحديث ٣٣٣٣٤.
(٣) في (ز ١) : الثقات.
(٤) وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦ الحديث ٣٣٣٣٤.
(٥) الكافي : ٣ / ٤٣٧ ذيل الحديث ٢.
(٦) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢١٥ ذيل الحديث ٥٢٩.
(٧) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢١٥ الحديث ٥٣٠ ، الاستبصار : ١ / ٢٣٣ الحديث ٨٣٢ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٩١ الحديث ١١٢٥٣.