البعيد للجمع ليس بأوّل قارورة كسرت.
مع أنّك أيضا ارتكبت البعيد والتقييد ، كما عرفت ، إلّا أن يكون المراد هو ما ذكرنا من اتّحاد المسافتين ، وأنّه يعرّفها كلّ واحد من الخفاءين من دون تفاوت فيها ، وهذا هو الظاهر الموافق لمدلول الصحيحين (١) ، من عدم الحاجة إلى ضميمة أصلا ، إلّا أن يكون بين الأمارتين تفاوت في الواقع ، ويعلم ذلك التفاوت ، ولعلّه لذلك ارتكب التقييد من ارتكبه واعتبر ضمّهما معا.
لكن العلم بالتفاوت مشكل ، لعدم معلوميّة المراد من التواري على سبيل التشخيص والتعيين ، بحيث لا يقبل الزيادة والنقيصة أصلا.
وكذا الكلام في طرف الأذان وإن قلنا : المراد الأذان المتوسّط ، فإنّ المتوسّط متفاوت أيضا ، وكذا كيفيّة الخفاء ، كما ستعرف.
ومع ذلك موضع الأذان في البلد والقرية أيضا متفاوت عادة بحسب القرب والبعد ، وكذا ارتفاع موضع الأذان وانخفاضه ، وكذا تحرّك الهواء وسكونه ، وتكلّم الناس وسكوتهم ، ولذا يتفاوت في الليل والنهار تفاوتا بيّنا.
وبالجملة ، أسباب التفاوت مختلفة موجودة عادة ، بحيث لا ينضبط على جهة التحقيق ، بل على جهة التخمين أيضا ، مع أنّه غير معتبر بالنظر إلى الأصل والقاعدة ، ولذا قلنا باعتبار ضمّهما.
ولعلّ أمر المعصوم عليهالسلام كلّ واحد من الراويين بواحدة من الأمارتين لتمكّنه منها خاصّة ، وغير معلوم اتّحاد حال المتمكّن وغير المتمكّن في التكاليف ، بل الظاهر عدم الاتّحاد في موضع لم يثبت الاتّحاد.
بل ثبت من الأدلّة أنّ المتمكّن من الحديث الخاصّ أو المقيّد ، أو الدالّ على
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٧٠ و ٤٧٢ الحديث ١١١٩٤ و ١١١٩٦.