عدم وجوب ما ورد الأمر به من حديث آخر أو غير ذلك من القرائن الدالّة على المراد ـ من مضمون آية أو حديث ـ حاله ليس حال الفقيه الآخر الذي لم يتمكّن منها ، ومسلّم ذلك ، والبناء كان على ذلك في الأعصار والأمصار كما قلنا ، إلّا أن يقال : اكتفاء المعصوم عليهالسلام بأمارة واحدة للراوي في غاية الوضوح في الاكتفاء ، وليس مثل الاكتفاء بالعام أو المطلق وأمثالهما للفهم العرفي بأنّ المراد من العام المخصّص والمطلق المقيّد ، وقس على هذا ، كما حقّقته في «الفوائد» (١).
وأنّ العام ـ مثلا ـ ورد قبل وقت الحاجة ، والخاصّ عنده أو كان العام حين الورود مخصّصا ، فذهب المخصّص من البين ، والخاص الآخر كاشف عن المخصّص ، لا أنّه هو ، فإن المطّلع على العام كان مكلّفا بالعموم بظاهر الشرع ، والمطّلع على الخاصّ كان مكلّفا بالمخصّص ، كما هو الحال عند الفقهاء.
وكيف كان ، الاحتياط ممّا لا ينبغي أن يترك في أمثال المقام.
ويدلّ على ما نسب إلى علي بن بابويه الأخبار المتضمّنة للقصر في بريد أو بريدين على الإطلاق (٢) ، وأمثال هذه الأخبار مثل ما ورد من «أنّ أهل مكّة إذا خرجوا إلى عرفة كان عليهم التقصير» (٣). إلى غير ذلك من المطلقات.
وما روي عن الصادق عليهالسلام بعنوان الإرسال أنّه قال : «إذا خرجت من منزلك فقصّر إلى أن تعود إليه» (٤).
وما رواه الشيخ بسنده عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق ، عن أبيه ، عن
__________________
(١) الفوائد الحائريّة : ٤١٠ الفائدة ١٢.
(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٤٥٦ الباب ٢ من أبواب صلاة المسافر.
(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٠٨ الحديث ٤٩٩ ، الاستبصار : ١ / ٢٢٤ الحديث ٧٩٥ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٦٤ الحديث ١١١٨٠.
(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٧٩ الحديث ١٢٦٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٧٥ الحديث ١١٢٠٨.