قوله : (المسافة المعتبرة). إلى آخره.
قد عرفت أنّ القصر لا يجوز إلّا للخوف أو السفر ، والخوف سيجيء.
وأمّا السفر ، فلا شكّ أنّه لغة وعرفا هو أن يطوي مسافة بعنوان امتداد ذهابي ، يذهب ويغيب عن الوطن ، فلا بدّ من قيدين :
أحدهما : الإبعاد عن الوطن ، فلو كان يطوي المسافة ويمشي ويسير في البلد الذي وطنه لا يكون مسافرا ، وإن كان يمشي ويدور دائما ، أو يدور حوله كذلك.
والثاني : أن يكون الامتداد الذهابي عن الوطن بعنوان طيّ مسافة معتدّ بها ، فلو كان يبعد عن الوطن بقليل ويرجع لا يسمّى مسافرا.
فإذا عرفت اعتبار القيدين فاعلم أنّ المسافة المعتبرة في وجوب القصر والإفطار هي ثمانية فراسخ ، أو بياض يوم بالإجماع والأخبار (١) ، ومسافتهما واحدة ، كما يظهر منها.
وأمّا الامتداد الذهابي ، فلا بدّ أن يكون ثمانية فراسخ أيضا عند بعض القدماء ـ على ما هو ببالي ـ وأنّه لا يجوز القصر في الأربعة مطلقا (٢).
وأمّا المشهور ، فقد جعلوا ذلك أعمّ من الذهابي ، فيكون الامتداد واحدا ، أو أربعة ذهابيّة وأربعة إيابيّة ، فيكون امتدادين ، ولا يجوّز أحد امتدادا ذهابيّا عن الوطن أقلّ من الأربعة ، إلّا ما سنذكر عن العلّامة ونضعّفه.
فكما أنّ كون المسافة ثمانية لوجوب القصر وفاقي ، كذا كون الذهاب عن الوطن لا يكون أقلّ من أربعة لمطلق القصر وفاقي أيضا ، وما سنذكر عن العلّامة
__________________
(١) راجع! وسائل الشيعة : ٨ / ٤٥١ الباب ١ من أبواب صلاة المسافر.
(٢) غنية النزوع : ٧٣ و ٧٤ ، السرائر : ١ / ٣٢٩.