وهم منه ، كما ستعرف.
ولم يشترط أحد من الفقهاء في طيّ المسافة الثمانية الذهابيّة كيفيّة وخصوصيّة وزمانا ، بل بأيّ نحو يطوي ، وفي أيّ قدر من الزمان يقع يكفي بشرط أن لا يقطعه بإحدى القواطع التي ذكرها المصنّف ، فلو كان طيّ المسافة الثمانية في ظرف عشرة أيّام وأزيد يكفي بشرط أن لا يخرج عن اسم المسافر والسفر عرفا.
وأمّا الأربعة الذهابيّة والإيابيّة التي تصير ثمانية بالانضمام ، فالمشهور بين المتأخّرين أنّه يشترط في القصر والإفطار قصد طيّهما معا في يوم واحد (١) ، يعني أنّ المسافر في ابتداء السفر عند قصده المسافة لا بدّ أن يكون قصده الرجوع ليومه ، فلو لم يقصد ذلك لا يجوز له القصر ، ووافقهم السيّد ، وابن إدريس ، وابن البرّاج (٢).
والظاهر أنّ المراد من اليوم نهاره وبياضه ، وقيل بدخول الليلة فيه مدّعيا تبادر ذلك من الأخبار (٣) ، ولذا يعبّر هكذا : إذا قصد الرجوع ليومه أو ليلته يقصّر وإلّا فلا ، ووافقه الشهيد (٤) ، و [الشيخ] مفلح (٥).
وقال الصدوق في أماليه : من دين الإماميّة الإقرار بأنّ حدّ السفر الذي يجب فيه القصر في الصلاة والإفطار في الصوم ثمانية فراسخ ، فإن كان سفر الرجل أربعة فراسخ ولم يرد الرجوع من يومه ، فهو بالخيار إن شاء أتمّ ، وإن شاء قصّر ، وإن أراد الرجوع من يومه فالتقصير عليه واجب (٦).
__________________
(١) مختلف الشيعة : ٣ / ١٠١ ، جامع المقاصد : ٢ / ٥١١ ، روض الجنان : ٣٨٣.
(٢) رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٤٧ ، السرائر : ١ / ٣٢٩ ، المهذّب : ١ / ١٠٦.
(٣) التنقيح الرائع : ١ / ٢٨٥ ، روض الجنان : ٣٨٣ و ٣٨٤.
(٤) الدروس الشرعيّة : ١ / ٢٠٩.
(٥) غاية المرام في شرح شرائع الإسلام : ١ / ٢٢٩.
(٦) أمالي الصدوق : ٥١٤.