ويظهر من هذا أنّ الفتوى بما ذكره كان مشهورا بين القدماء ، ويشير إلى ذلك موافقة المفيد ، والشيخ له في «المبسوط» و «النهاية» (١) ، وكذا سلّار (٢) ، وفتواه في «الفقيه» أيضا كذلك (٣) ، وكذا في كتابه «الهداية» (٤).
وهذا التخيير إنّما هو في قصر الصلاة على ما يظهر من كلام الصدوق والشيخ ، وإن كان المفيد يعمّم في الصوم أيضا على ما نقل عنه (٥).
وقال الشيخ في كتابي الأخبار : إنّ المسافر إذا أراد الرجوع من يومه ، فقد وجب التقصير عليه في أربعة فراسخ (٦).
ثمّ قال : على أنّ الذي نقوله في ذلك أنّه إنّما يجب التقصير إذا كان مسافة ثمانية فراسخ ، وإن كان أربعة فراسخ فهو بالخيار إن شاء أتمّ وإن شاء قصّر (٧) ، انتهى.
والظاهر من قوله : (على أنّ الذي نقوله) .. إلى آخره ، كون هذا القول علاوة لما ذكره من التوجيه وتتمّة له ، كما هو رأيه في «النهاية» و «المبسوط» ، وكتابه «النهاية» فتاويه على طبق ما في كتابيه في الحديث ، وموافق لشيخه ، والصدوق ، وغيرهما من الإماميّة ، مع أنّ «التهذيب» شرح كلام شيخه ، وهذه أيضا قرينة اخرى.
فما قيل من أنّ مذهبه في كتابي الحديث هو التخيير مطلقا (٨) فيه ما فيه.
__________________
(١) المقنعة : ٣٤٩ ، المبسوط : ١ / ١٤١ ، النهاية للشيخ الطوسي : ١٢٢.
(٢) المراسم : ٧٥.
(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٨٠ الحديث ١٢٦٩.
(٤) الهداية : ١٤٢.
(٥) السرائر : ١ / ٣٢٩ ، التنقيح الرائع : ١ / ٢٨٦.
(٦) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٠٧ ذيل الحديث ٤٩٥ ، الاستبصار : ١ / ٢٢٣ ذيل الحديث ٧٩١.
(٧) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٠٨ ذيل الحديث ٤٩٦ ، الاستبصار : ١ / ٢٢٤ ذيل الحديث ٧٩٢.
(٨) ذخيرة المعاد : ٤٠٥.