هذا ، مع ما عرفت من اشتهار ما ذكر بين الإماميّة ، وأنّ مراده هو وشيخه وغيرهما من الإماميّة.
وقول الشيخ : (على أنّ الذي نقوله) ، إشارة إلى ذلك ، لأنّ (نقوله) إنّما هو بصيغة المتكلّم مع الغير ، الظاهرة في عدم اختصاص القول بالمتكلّم ، بل الظاهرة في إرادة فقهاء الشيعة في أمثال المقامات ، لا الذي لم يقل به هو في كتب فتاويه فضلا عن غيره ، ولم يشاركه أحد لو كان قائلا به في كتابيه الحديث ، بل مخالف لفتوى نفسه وغيره من الفقهاء ، مضافا إلى عدم ظهوره من كتابيه.
ويؤيّده ـ أيضا ـ أنّه استشهد برواية ابن مسلم (١) وابن وهب (٢) وغيرهما ممّا هو نصّ في أنّ المراد من البريد والأربعة هو الثمانية بناء على ضمّ الرجوع واعتباره ، ولم يتوجّه إلى توجيه أصلا لهذه الروايات.
ويظهر من كلامه وكلام الصدوق أنّ الكليني رحمهالله أيضا رأيه كذلك ، لأنّه الرأس والرئيس والمؤسّس ، ولهذا لم يذكر في كتابه سوى أحاديث البريد والأربعة فراسخ (٣) ، ونظره إلى قيد الذهاب عن الوطن الذي هو الأصل في تحقّق ماهيّة السفر.
وقد عرفت أنّ الامتداد الذهابي عنه هو الأربعة عند الجلّ ، بل عند الكلّ ، إذ لم نجد في «المختلف» ـ وغيره ـ من الكتب المعتبرة الموجودة عندي ـ مخالفا في هذا ، وإن كان ببالي نقل مخالف شاذّ من القدماء ، كما أشرت.
وأمّا كون السير مقدار ثمانية فراسخ ، فليس شرطا ، إلّا في القصر بعنوان
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٤ / ٢٢٤ الحديث ٦٥٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٥٩ الحديث ١١١٦٥.
(٢) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٠٨ الحديث ٤٩٦ ، الاستبصار : ١ / ٢٢٣ الحديث ٧٩٢ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٥٦ الحديث ١١١٥٨.
(٣) انظر! الكافي : ٣ / ٤٣٢.