الوجوب العيني ، لا مطلق الوجوب على ما هو مسلّم عند جميع القدماء والمتأخّرين.
فمن أنكر الوجوب التخييري هنا ـ كالمشهور بين المتأخّرين وجمع من القدماء ـ اعتبر سير ثمانية فراسخ بضمّ الأربعة الإيابيّة على حسب ما عرفت ، ومن أقرّ به لا يعتبره لنفس القصر ، بل يعتبره لقسم منه.
وابن أبي عقيل أيضا أنكر الوجوب التخييري هنا ، فاعتبر أيضا ضمّ الإياب ، لكن لم يشترط وقوعه ليومه ، بل اشترط وقوعه في ضمن العشرة مع الذهاب ، ولم يزد على هذا شيئا آخر ، إلّا أنّ المصنّف حمل كلامه على ما ذكره ، وجعله قسطه وشريكه.
فإنّه رحمهالله قال : كلّ سفر كان مبلغه بريدين ـ وهو ثمانية فراسخ ـ أو بريدا ذاهبا وجائيا ـ وهو أربعة فراسخ ـ في يوم واحد ، أو ما دون عشرة أيام ، فعلى من سافره عند آل الرسول ـ صلوات الله عليهم ـ إذا خلّف حيطان مصره أو قريته وراء ظهره وغاب عنه فيها صوت الأذان ، أن يصلّي صلاة السفر ركعتين (١) ، انتهى.
فقد عرفت أنّ عبارته لا تفي بما ذكره المصنّف من وجوه يظهر ذلك على المتأمّل ، إلّا أن يتمسّك بامور خارجة ، وأنّها المصحّح للقول بما ذكره ، فلا معنى لأن يكون قائلا بظاهر عبارته ، ولا ربط له بالأدلّة ، فلا بدّ أن يكون قائلا بما ذكره المصنّف ، حتّى يتأتّى الارتباط ، فتأمّل. هذا حال الأقوال.
وأمّا الأدلّة ، فالأصل والعمومات يقتضي التمام إلّا أن يثبت خلافه ، لكنّ العمومات الدالّة على أنّ فرض المسافر هو التقصير يقتضي خلاف ذلك.
منها : الآية الشريفة بتفسير أهل البيت عليهمالسلام ، كما مرّت (٢).
__________________
(١) نقل عنه العلّامة في مختلف الشيعة : ٣ / ١٠٢.
(٢) راجع! الصفحة : ١٧٨ و ١٧٩ من هذا الكتاب.