قوله : (لو نوى الإقامة). إلى آخره.
قد ظهر لك أنّ قصد الإقامة عشرا يوجب الإتمام والصيام وانقطاع السفر.
ونقل عن ابن الجنيد أنّه اكتفى بإقامة خمسة (١) ، ولعلّ مستنده حسنة ابن مسلم ، عن الباقر عليهالسلام أنّه سأله عن المسافر إن حدّث نفسه بإقامة عشرة أيّام؟ قال : «يتمّ الصلاة ، وإن لم يدر ما يقيم يوما أو أكثر فليعد ثلاثين يوما ثمّ ليتمّ ، وإن أقام يوما أو صلاة واحدة» ، فقال له : بلغني أنّك قلت : خمسا ، قال : «قد قلت ذلك» فقال أبو أيّوب : يكون أقلّ من خمسة أيّام؟ قال : «لا» (٢).
وهذا لا يدلّ على مطلوبه ، لأنّه عليهالسلام حكم بالعشرة على وجه ظاهره لزوم اعتباره ، ولذا قال : بلغني أنّك قلت : خمسا ، فأجاب عليهالسلام بأنّه قال ذلك ، فلعلّ مراده العشرة لا الخمس ، إذ لو كان مراده الخمس ، لكان يقول : نعم ، كما هو المتعارف في جواب السؤال ، إذ العدول والتطويل لا يكون إلّا لجهة ، فيكون أبو أيّوب ما تفطّن وتوهّم ، والمعصوم عليهالسلام لم ير المصلحة في ردّه عن توهّمه.
والأظهر أنّ المراد المعصوم عليهالسلام إنّي قلت ذلك أيضا لكن في مقام خاصّ ولخصوصيّة ، ولذا لم يقل : نعم ، بل قال ما قال ، ولذا لم يسأله أبو أيّوب ولا ابن مسلم ، فكيف قلت الآن عشرا؟ بل فهما منه عليهالسلام أنّ الأصل هو العشر ، وأنّه يصير أقلّ لجهة وخصوصيّة ، لكنّه مقدار خمس ، ثمّ سأله أبو أيّوب أنّه يصير أقلّ من خمسة بعروض خصوصيّة اخرى ، كما أنّ بعد العشر قلت خمسا أيضا ، فيكون الخمس الذي قلت من قبيل العشرة التي قلت ، أم لا ، بل لا يصير أقلّ منه.
__________________
(١) نقل عنه العلّامة في مختلف الشيعة : ٣ / ١١٣.
(٢) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢١٩ الحديث ٥٤٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٥٠١ الحديث ١١٢٨٦ مع اختلاف يسير.