فإنّها بظاهرها تدلّ على أنّ سفر عرفات لا ينافي قصد الإقامة ، فيكون ظاهرها عدم اشتراط التوالي ، وظاهرها دليل المشهور من عدم كونه سفر القصر.
وعلى ما اختاره معظم القدماء من كونه سفر القصر على سبيل الرخصة ، فلعدم ثبوت منافاة مثله لقصد الإقامة ، بل ثبوت العدم وظهوره ، لما ظهر من الصحاح المذكورة ، فتأمّل جدّا!
وببالي أنّ العلّامة قائل بعدم المنافاة (١) ، وأنّه نقل ذلك لي بعض مشايخي.
الخامس : قد عرفت أنّ قصد الإقامة من قواطع السفر ، فلا بدّ للعود إلى التقصير بعد الصلاة على التمام من قصد مسافة جديدة ، مع باقي الشرائط للقصر.
وبهذا أفتى المحقّقون حتّى الشهيدان (٢) ، فلو رجع إلى موضع الإقامة بعد إنشاء السفر الجديد وحصول الشرائط لطلب حاجة أو أخذ شيء لم يتمّ فيه ، مع عدم عدوله عن السفر ، بخلاف ما لو رجع إلى الوطن.
والفارق مع كونه بمنزلته أنّه أعرض عن قصد الإقامة وسافر وناوي الإقامة الذي هو بمنزلة المتوطّن ، هو الذي لم يعرض عن قصد الإقامة ولم يسافر ، إذ بعد الإعراض ليس بناوي الإقامة والمقيم عشرا ، فليس بمنزلة أهل ذلك البلد.
السادس : إذا سبق نيّة الإقامة ببلد عشرة أيّام على الوصول إليه ، ففي انقطاع السفر بما ينقطع بالوصول إلى الوطن ، من مشاهدة الجدران وسماع الأذان وجهان ، من أنّ المقيم عشرا بمنزلة المتوطّن ، ومن أنّه الآن مسافر ، فيتعلّق به حكمه إلى أنّ يحصل ما يقتضي الإتمام ، وبعد لم يصر بمنزلة أهل البلد ، لأنّ الحديث الدالّ على المنزلة لا يشمل المقام.
__________________
(١) لاحظ! منتهى المطلب : ٦ / ٣٩٠.
(٢) ذكرى الشيعة : ٤ / ٣٠٣ ، الروضة البهيّة ١ / ٣٧٢.