ولو عزم العود ، ولم يعزم الإقامة المستأنفة قيل : وجب التقصير بمجرّد خروجه ، ونسب هذا القول إلى الشيخ والعلّامة وغيرهما ، محتجّين بأنّه نقض المقام بالمفارقة ، فيعود إلى حكم السفر المستأنف (١).
وفيه ، أنّ هذا ينافي ما هو مسلّم عندهم وثابت بالأدلّة من أنّ قصد الإقامة من جملة قواطع السفر.
وقد ظهر لك الأدلّة فيما سبق ، عند شرح قول المصنّف : (وأن لا يقطع سفره) (٢) واشير في المقام إلى بعضها ، فإذا انقطع لا جرم يكون اللازم الإتمام والصيام ، وهذا مستصحب حتّى يثبت خلافه ، ولا يثبت إلّا بإنشاء سفر جديد مستجمع لجميع شرائط القصر من مسافة ثمانية بالنحو الذي ذكرت وغيرها.
وأيضا هذا مناف لما علّلوا به في المسألة السابقة المسلّمة عندهم ، حيث علّلوا بأنّ الصلاة على التمام بعد نيّة الإقامة توجب البقاء على الإتمام إلى أن يتحقّق السفر المقتضي للقصر ، ومع ذلك نقض المقام والعود إلى السفر ممنوعان بل هما عين الدعوى.
واستدلّ لهم بأنّ صلاة المسافر قصر إلّا فيما يثبت التمام ، والمتبادر من الأخبار الدالّة على أنّ ناوي الإقامة يتمّ الصلاة أنّه يتمّ في موضع إقامته خاصّة (٣).
وفيه ، أنّ هذا مناف لما ثبت من الأدلّة ، ومسلّم أيضا عندهم من أنّ قصد الإقامة من القواطع ، ومناف أيضا لتعليلهم الذي علّلوا في المسألة السابقة.
وفي «المدارك» بعد ما ذكر قولهم ، قال : وهو مشكل ، إذ المفروض كون
__________________
(١) المبسوط : ١ / ١٣٨ ، منتهى المطلب : ٦ / ٣٩٠ ، تذكرة الفقهاء : ٤ / ٤١٣ ، تحرير الأحكام : ١ / ٥٧ ، مجمع الفائدة والبرهان : ٣ / ٤٤١.
(٢) راجع! الصفحة : ١٤١ ـ ١٤٥ من هذا الكتاب.
(٣) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٩٨ الباب ١٥ من أبواب صلاة المسافر.