قوله : (يشترط في وجوب). إلى آخره.
مرّ في شرح قول المصنّف رحمهالله : ([لا يكون السفر عمله] إلّا إذا جدّ به السير) ما ذكرنا ممّا يشير إلى اعتبار الكثرة وقادحيّة إقامة العشرة (١) ، مثل صحيحة هشام (٢) ، ورواية السندي بن الربيع (٣) ، الدالّتين على أنّ المكاري والجمّال يتمان ويصومان إذا كانا يختلفان وليس لهما مقام لا مطلقا ، للتقييد بذلك ، ومفهوم القيد حجّة إذا كان للاحتراز ، ولا يخفى أنّ المتبادر كونه للاحتراز هنا ، وحجّية هذا المفهوم لا تأمّل فيه ، كما حقّقنا في محلّه.
مع أنّ الاحتراز معناه أنّه بهذا القيد كذلك ، وأنّ التقييد لإخراج ما ليس كذلك في هذا الحكم ، وهذا بعينه عبارة عن حجّية المفهوم.
وغير خفي أنّ المتبادر من لفظ المقام ـ في أمثال المقام ـ مقام عشرة ، كما هو بناء الفقهاء في كلّ موضع ، والمدار عليه في كلّ مقام.
ولهذا استشكل الكلّ في رواية حمزة بن عبد الله الجعفري ، وتوجّهوا إلى توجيهها (٤).
وما ذكرناه ـ من أنّ هذا الراوي لعلّه ما كان الظاهر عليه كون المقام في مكّة خصوص العشرة لكذا وكذا ـ إنّما هو توجيه لرفع الإشكال ، والتوجيه هو ارتكاب خلاف ظاهر لرفع الإشكال ، وإلّا لم يكن توجيها ولا إشكالا.
__________________
(١) راجع! الصفحة : ١٤٧ ـ ١٥١ من هذا الكتاب.
(٢) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٨٤ الحديث ١١٢٣٣.
(٣) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٨٧ الحديث ١١٢٤٢.
(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٨٣ الحديث ١٢٨٦ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٢١ الحديث ٥٥٤ ، الاستبصار : ١ / ٢٣٩ الحديث ٨٥٢ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٥٠٩ الحديث ١١٣٠٦.