ويؤيّده ، بل يدلّ عليه أنّه إذا كان في بلده أو توابع بلده ـ بحيث يقال عرفا : إنّه في بلده ، إذا كان في تلك التوابع يقال : إنّه حاضر وغير مسافر وفي الوطن وفي البلد ، وأمثال ذلك وإن لم يدخل بعد أهله ، ويقال أيضا : إنّه رجع من سفره ، أو يريد أن يذهب إلى السفر وأمثال ذلك.
ويلزم أنّه لو بقي مدّة مديدة في بلده ووطنه ، ولم يدخل أهله ، بل دخل بيوت جيرانه أن يكون مسافرا عرفا ، وفيه ما فيه.
ثمّ على تقدير تسليم الدلالة والظهور ، لا شكّ في عدم مقاومتها لصحيحة ابن سنان ، لنهاية قوّة دلالتها ، بل لصراحتها وعدم القوّة في الروايتين (١) ، مضافا إلى ما ذكرنا من كونها مستند الكلّ في الذهاب ، ومستند المشهور ـ بل الجلّ ـ في الإياب ، والروايتان مستند النادر ، مع عدم دلالة وظهور ، أو مع وهن وفتور ، مع تأيّد الصحيحة بمؤيّدات ذكرت.
وما ذكر من التأويل في غاية القرب لو لم نقل بالظهور ، بل لا يوجد تأويل أقرب.
مع أنّ بيوت الكوفة في ذلك الزمان كانت ممتدّة إلى مقدار مسافة أربعة أو ما قاربها ، ولا أقل من الفرسخين أو ما قاربها.
وما استوجه في «المدارك» من القول بالتخيير فيما بين حدّ الترخّص إلى أن يدخل البلد (٢) ـ أبعد ثمّ أبعد ، لعدم قائل ، ولمخالفته لجميع الأخبار ، مع تحقّق المرجّح الشرعي والجمع القريب المرضي ، مع أنّ مقتضى الروايتين القصر إلى دخول البيت لا البلد ، فتأمّل جدّا!
__________________
(١) أي : صحيحة العيص بن القاسم وموثّقة إسحاق بن عمّار ، وقد مرّت الإشارة إلى مصادرهما آنفا.
(٢) مدارك الأحكام : ٤ / ٤٥٩.