نعم ، ورد في الموثّق : «أنّ أهل مكّة إذا زاروا البيت ودخلوا منازلهم أتمّوا ، وإن لم يدخلوا منازلهم قصّروا» (١) ، لكنّه من حيث السند لا يقاوم صحيحة ابن سنان ، مع قطع النظر عن المرجّحات الكثيرة ، سيّما الإجماع والشهرة.
ويمكن حملها على أنّ قوله عليهالسلام : «ودخلوا منازلهم» عطف تفسير لقوله عليهالسلام : «إذا زاروا البيت» ، فيكون المراد من قوله : «وإذا لم يدخلوا منازلهم» لم يزوروا البيت.
وربّما يقرب هذا التوجيه ، وينفي البعد عنه ما في الرواية الاخرى : «إنّ أهل مكّة إذا خرجوا حجّاجا قصّروا ، وإذا زاروا ورجعوا إلى منازلهم أتمّوا» (٢) ، وهي كالصحيحة ، وعلى تقدير ظهورها فيما يظهر من الموثّقة ، فالجواب عنهما واحد.
ويمكن أن يقال : إنّ ظاهرهما أنّ من مرّ ببلده ووطنه في حال سفره يقصّر ما لم يدخل بيته ، كما ورد في الموثّق ـ كالصحيح ـ عن ابن بكير ، عن الصادق عليهالسلام عن الرجل يكون بالبصرة وهو من أهل الكوفة ، له بها دار ومنزل ، فيمرّ بالكوفة وإنّما هو مجتاز لا يريد المقام إلّا بقدر ما يتجهّز يوما أو يومين ، قال : «يقيم في جانب المصر ويقصّر» ، قلت : فإن دخل أهله ، قال : «عليه التمام» (٣).
ومعلوم أنّ هذا غير الإياب عن السفر إلى وطنه ، كما هو المفروض ، والحجّاج بزيارتهم البيت يمرّون بمكّة ، لأنّهم يريدون منى ويبيتون فيه أيّاما ثلاثة ، أو يومين لا أقلّ منهما.
وربّما كان هذا التفصيل الذي ذكرنا رأي ابن الجنيد ، فتأمّل!
__________________
(١) الكافي : ٤ / ٥١٨ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٧٤ الحديث ١١٢٠٤.
(٢) الكافي : ٤ / ٥١٨ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٦٥ الحديث ١١١٨٣.
(٣) قرب الإسناد : ١٧٢ الحديث ٦٣٠ ، الكافي : ٣ / ٤٣٥ الحديث ٢ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٢٠ الحديث ٥٥٠ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٧٤ الحديث ١١٢٠٥.