إلى غير ذلك ممّا مرّ في بحث الجمعة.
وبعد ما لاحظت جميع ما ذكرناه في الجمعة ، لعلّه لا يبقى لك تأمّل فيما ذكره الفقهاء من اشتراط الإمام أو من نصبه لوجوب هذه الصلاة.
ومن جملة الشرائط : الحريّة ، وعدم البعد بفرسخين أو أزيد ، وغير ذلك ممّا هو شرط في الجمعة ، لما عرفت من الإجماعات المنقولة المطابقة للفتاوى.
وفي «المدارك» : ويدلّ عليه ـ أي على ما ذكرنا ـ أصالة براءة الذمّة من وجوب هذه الصلاة على من لا تجب عليه الجمعة السالمة عمّا يصلح للمعارضة ، لانتفاء ما يدلّ على العموم فيمن تجب عليه (١) ، انتهى.
قال في «روض الجنان» : لعلّ السرّ في عدم وجوبها حال الغيبة مطلقا بخلاف الجمعة ، أنّ الواجب الثابت في الجمعة إنّما هو التخييرى كما مرّ ، أمّا العيني ، فهو منتف بالإجماع ، والتخييرى في العيد غير متصوّر ، إذ ليس معها فردا آخر يتخيّر بينها وبينه ، فلو وجبت لوجبت عينا ، وهو خلاف الإجماع (٢) ، انتهى.
وفي «المدارك» : أنّ هذا كلام ظاهري ، إذ لا منافاة بين كون الوجوب في الجمعة تخييريّا ، وفي العيد عينيّا ، إذا اقتضته الأدلّة.
وبالجملة ، تخصيص الأدلّة الدالّة على الوجوب بمثل هذه الروايات ، لا يخلو عن إشكال ، وما ادّعوه من الإجماع غير صالح ، لما بيّناه مرارا أنّ الإجماع إنّما يكون حجّة مع العلم القطعي بدخول قول المعصوم عليهالسلام في أقوال المجمعين ، وهو غير متحقّق هاهنا ، ومع ذلك الخروج من كلامهم مشكل ، واتّباعهم بغير دليل أشكل (٣) ، انتهى.
__________________
(١) مدارك الأحكام : ٤ / ٩٦.
(٢) روض الجنان : ٢٩٩.
(٣) مدارك الأحكام : ٤ / ٩٥.