ومرّ الكلام في أمثال ما ذكرنا.
فكلّ ما تقول بالنسبة إلى ما ذكرنا ، نقوله بالنسبة إلى اشتراط الإمام أو من نصبه ، مع أنّك عرفت وجود هذا الشرط فيه ، فتأمّل جدّا!
وأمّا الباقون من النافين إلى زمان الشهيد الثاني وباقي كتبهم الفتاوى ، مثل «الشرائع» و «النافع» وغيرهما ، فغير خفي في الصراحة في الاشتراط المذكور ، أو انحصار قول الشيعة في التخيير والحرمة (١) ، فلاحظ وتأمّل!
ومن هذا قال رئيس المحقّقين والمدقّقين جمال الملّة والدين : إنّ القول بالوجوب العيني في زمان الغيبة بدعة مخترعة (٢) حدث في هذه الأزمان (٣).
ويعضده أنّ في «المختلف» لم يذكر سوى هذين القولين (٤).
على أنّا نقول : لو كانوا يقولون بوجوب الجمعة عينيّا لكانوا يفعلونها ، وما كانوا يتّفقون على تركها ، ولو كانوا يفعلون أو يفعل بعضهم لكان يصل إلينا ويظهر علينا عادة ، كما ظهر علينا ـ وعلى أهل السنّة أيضا ـ أنّهم كانوا يتمتّعون النساء ، ويتمتّعون في الحجّ ، ويمسحون الرجل في الوضوء ، ويسبّون الشيخين وغيرهما ، ويتنزّهون عن مساورة أهل الذمّة والكفّار ، ويصلّون صلاة الغدير.
حتّى أنّ العامّة نقلوا أنّهم في بطن بغداد صلّوا هذه الصلاة جماعة في آلاف ألوف منهم (٥) ، بل ونقلوا أنّهم ضربوا الكوس في اليوم المذكور إظهارا للإجهار والبشاشة (٦).
__________________
(١) شرائع الإسلام : ١ / ٩٤ ، المختصر النافع : ٣٥ ، إيضاح الفوائد : ١ / ١١٨.
(٢) في (د ٢) : محرّمة.
(٣) لاحظ! مستند الشيعة : ٦ / ١٨.
(٤) مختلف الشيعة : ٢ / ٢٣٧.
(٥) شذرات الذهب : ٢ / ٩.
(٦) الكامل في التاريخ : ٨ / ٥٤٩ و ٥٥٠ ، البداية والنهاية : ١١ / ٢٧٦.