فلا بدّ من التنبيه على فهرست ما يوقع المغرور في القول بالوجوب العيني من جهة الغفلة والقصور ، كيلا يقع فيه بسبب عدم الاطّلاع ، أو عدم الشعور.
الأوّل : احتجّ القائلون به بالآية والأخبار (١) ، فيتوهّم المغرور أنّ أحدا أنكر عينيّة وجوب الجمعة.
وقد عرفت أنّها بديهي الدين يقطع كلّ أحد بأنّ الأمين نزل بها من عند ربّ العالمين ، كما هو مدلول القرآن والأخبار المتواترة ، ومحلّ النزاع أمر آخر ، وهو أنّ هذه الجمعة ما هي على قول؟ أو أنّ من شرائطها الإمام عليهالسلام أو من نصبه أم لا؟ على قول آخر.
وبديهي أنّ محلّ النزاع غير محلّ الإجماع ، لأنّ محلّ الإجماع حكم صلاة الجمعة ، وهو الوجوب العيني ، ومحلّ النزاع معنى صلاة الجمعة أو زيادة شرط في شرائطها ، فما هو مضمون أدلّتهم لا نزاع فيه ، وما هو محلّ النزاع لا يأتون بدليل له ، وربّما يشيرون بإشارة إجماليّة فاسدة ، كما عرفت وستعرف.
الثاني : يقولون : إنّ المحرّمين يحرّمون صلاة الجمعة ، وحاشاهم عن ذلك ، بل ويقولون : صلاة الجمعة من الواجبات العينيّة ليس إلّا.
وأمّا ما يقولون بحرمته فليس إلّا ما أطلق عليه خصمهم لفظ صلاة الجمعة حقيقة ، وأمّا هؤلاء فإن كان يطلقون فعلى سبيل التوسّع ، كما يطلقون لفظ الأمر على الأمر التهديدي ، ويقولون : هذا الأمر أمر حرمة ، وإن كان الأمر عندهم حقيقة في الوجوب ، أو يطلقون على حسب اصطلاح هذه الأزمنة ، كما ستعرف.
وإنّما قلنا : يقولون بعينيّة وجوبها ليس إلّا ، لأنّ ابن البراج قال : فهذه الشروط إذا اجتمعت يثبت كون هذه الصلاة فريضة جمعة ، وإن لم تجتمع لم يثبت
__________________
(١) رسائل الشهيد : ٥١ ـ ٥٨ ، ذخيرة المعاد : ٢٩٨ ، لاحظ! الحدائق الناضرة : ٩ / ٣٩٨ و ٤٠٨.