عدم الجواز ، لا أنّه كذلك قطعا.
ثمّ أطال الكلام في أنّه على القول باستحباب الجمعة ، هل يفعل بنيّة الاستحباب أو الوجوب؟ وإن فعل بنيّة الاستحباب ، هل تبرئ الذمّة أم لا؟ وأطال الكلام في ذلك.
الثالث : إنّ القائلين بالوجوب استدلّوا بإطلاق الآية والأخبار ، فالمغرور يتوهّم أنّ هذا الاستدلال نافع بأنّ الخصم منحصر في منكر الإطلاق.
وقد عرفت فساده ، لأنّ جمعا منهم صرّح بأنّ الجمعة حقيقة فيما فعل مع الإمام أو نائبه مع باقي الشرائط ليس إلّا.
فكيف يمكن أن يقال : إطلاق الآية والأخبار حجّة عليهم؟ مع أنّهم يقولون بإطلاقها وعمومها قطعا ، ولا يجوّزون التخصيص والتقييد أصلا ورأسا ، وكذا الكلام بالنسبة إلى من قال : الجمعة اسم للصحيحة فقط.
ولا شكّ في أنّ الجمعة المستجمعة لجميع شرائطها واجبة عينا ، إنّما النزاع في أنّها ما هي؟ فما أشاروا إلى بطلان مذهبهم أصلا.
لا يقال : لمّا تحقّق عندهم أنّ الجمعة اسم لمجرّد الأركان ، استدلّوا كذلك.
لأنّا نقول : إنّهم يعرفون أنّ جمعا من الفقهاء يعتقدون أنّه اسم للمستجمعة لجميع الشرائط ، كما هو حال في سائر ألفاظ العبادات.
فلعلّ المحرّم والمخيّر يقولون كذلك ، بل عرفت أنّ المحرّمين صرّحوا بذلك ، وعرفت الحال في المخيّرين أيضا.
فاللازم على المستدلّ إبطال هذا المعنى خاصّة ، لا إثبات وجوب الجمعة مع كونه مسلّما ، بل ضروري الدين ، فكيف يطوّلون في الكلام بما لا طائل تحته أصلا ويسكتون بالمرّة عمّا هو نزاع الخصم؟ فهل هذا إلّا الخلط بين المقامين؟!
فإن قلت : لعلّ مرادهم الردّ على المخيّرين فقط من حيث إنّ هذه الجمعة