صحيحة عندهم جزما ، فتكون داخلة في الآية والأخبار عندهم قطعا.
قلت : فكيف يقولون : أثبتنا الوجوب العيني؟ ويصرّون في ذلك ، ويشنّعون على المتأمّل ، بل وتشنيعهم على المحرّمين أزيد وأزيد (١).
ومع ذلك نقول : هذه الجمعة ليست داخلة فيها عندهم قطعا ، كما عرفت.
وعرفت أنّ الوجوب العيني للجمعة من ضروريّات الدين عندهم أيضا ، وأنّها كانت كذلك في زمان الرسول صلىاللهعليهوآله وعلي والحسن عليهماالسلام ، وكذا إلى يوم القيامة إذا حصل الإمام عليهالسلام أو من ينصبه.
وكانوا يجزمون أنّ هذا الضروري لا مانع من ورودها في الآية والأخبار ، بل لا تأمّل في ورودها ، بل اعترفوا به ، فإذا كانت داخلة فكيف يمكنهم التأمّل؟! إذ ما كانوا بمجانين ـ العياذ بالله منه ـ إذ عرفت أنّ لفظ الوجوب حقيقة في الأعم من العيني قطعا ، والبناء على الانصراف إلى العيني خاصّة ليس إلّا من جهة انصراف الإطلاق إليه ، وهذا يستلزم أن يكون لفظ صلاة الجمعة كذلك أيضا ، إذ لا شكّ في أنّ الكاملة منها هي الواجبة عينا ، مع أنّها الأصل ، كما أنّ الكامل من الوجوب أيضا كذلك ، فبمجرّد كون المستحبّة والواجبة تخييرا من أفراد الجمعة حقيقة لا يستلزم انصراف الإطلاقات إليها أيضا.
فعلى هذا فكيف تصير الأخبار والآية ردّا عليهم؟ إلّا أن يكونوا يقولون : هذه الفرائض الواردة في الآية والأخبار هي عين المستحبّة.
وفيه ما فيه ، ولا شكّ في أنّهم قالوا بثبوت المستحبّة من حديث «أحبّ» ، و «حثّ» ، وأمثالهما (٢) ، ولذا قال السيّد وابن إدريس : إنّه أخبار آحاد (٣) ، وإلّا
__________________
(١) رسالة في صلاة الجمعة للشهيد الثاني : ٩٣ ، ذخيرة المعاد : ٣٠٨ ، لاحظ! الحدائق الناضرة : ٩ / ٤٠٨.
(٢) وسائل الشيعة : ٧ / ٣٠٩ و ٣١٠ الحديث ٩٤٣٣ و ٩٤٣٤ ، ٢١ / ١٤ الحديث ٢٦٣٩٤.
(٣) رسائل الشريف المرتضى : ١ / ٢١ و ٢٢ ، الذريعة إلى اصول الشريعة : ٢ / ٥١٧ ، السرائر : ١ / ٣٠٣.