الاستصحاب.
الثاني عشر : إنّ أصل العدم إن كان حجّة ، فهو حجّة المحرّمين بلا شبهة ، لأنّ الفرض الإلهي من أوّل البعثة إلى مدّة مديدة كان هو الظهر خاصّة ، وبعد ذلك تغيّر التكليف إلى الجمعة ، لا بالنسبة إلى جميع المكلّفين جزما ، بل بالنسبة إلى من اجتمع له شرائط الجمعة خاصّة ، وهذا من القطعيّات.
وينادي بذلك كون الخطبتين بدل الركعتين وعوضهما ، على ما صرّحت به الأخبار الصحاح (١) ، وفرّع الفقهاء على ذلك تفريعات كثيرة تأتي.
ومعلوم بلا شبهة أنّ الحكم الشرعي إذا كان ثابتا يكون باقيا إلى يوم القيامة حتّى يثبت نسخه ، وما لم يثبت يحكم بالبقاء جزما ، من جهة الاستصحاب والإجماع والأخبار ، وهو مسلّم عند المستدلّين أيضا.
فالقدر الذي ثبت تغيّره إنّما هو بالنسبة إلى الجماعة الذين تحقّق فيهم شرائط الجمعة الوفاقيّة والخلافيّة ، يعني من كان عنده الإمام أو من نصبه مع باقي الشرائط.
وأمّا تغيّر حكم من عنده الشرائط سوى الإمام أو من نصبه فلم يثبت بعد لو لم نقل بثبوت عدم التغيّر ، فيكون حكمه السابق المعلوم باقيا إلى يوم القيامة ، وأيضا الأصل بقاء ما كان على ما كان.
وأيضا الأصل عدم كون ما فعل بغير إمام أو من نصبه صلاة الجمعة.
وأيضا الأصل عدم الخروج عن عهدة التكليف اليقيني بمجرّد الجمعة. إلى غير ذلك.
فالمغرور يتوهّم أنّ أصل العدم ليس إلّا واحدا ، وهو الذي يتمسّك به
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٧ / ٣١٢ و ٣١٣ الحديث ٩٤٤٠ و ٩٤٤١ ، ٣١٤ الحديث ٩٤٤٦.