على ما اخترنا من لزوم اتّحاد الخطيب والإمام ـ وقد مرّ ـ لأنّ العاجز عن القيام قدر الواجب من الخطبة ، عاجز عن قدر الواجب من القراءة البتّة.
فالجواز إنّما هو بناء على تجويز تعدّدهما ، وهو خلاف ما نقل عن النبي صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام ، والوظائف الشرعيّة يستفاد من الشرع ، فلعلّ هذا يمنع عن جواز الجلوس أيضا ، فتجويز التعدّد يقتضي تجويز الجلوس.
وأمّا الحكم بجوازه حينئذ ، فلعموم ما دلّ على وجوب الجمعة واشتراط الخطبة ، وأمّا وجوب القيام فيها ، فلم يثبت كونه بعنوان الشرطيّة لها ، لأنّ الإجماع لا يدلّ على أزيد من وجوبه حال التمكّن ، إذ لا يتمّ إلّا فيه.
وأمّا الحديث ؛ فلأنّ الإطلاق فيه ينصرف إلى الفروض الشائعة.
هذا ، مضافا إلى قاعدة البدليّة ومساواة الأحكام ، لأنّ وجوبه لها ليس بعنوان الشرطيّة ، والمأمومون لا يجب أن يكونوا قائمين حال الخطبة.
هذا ، لكنّ الإشكال الذي ذكرناه لم يرتفع من أصله.
ثمّ اعلم! أنّ جواز الجلوس إنّما يكون بعد العجز ، بل مع التمكّن يعتمد على قوس أو غيره ، كما سيجيء ، وإن حدث العجز في الأثناء يخطب وهو شارع في الجلوس ، بخلاف ما إذا زال العذر فيه ، فلا يخطب إلّا بعد ما قام.
ولو خطب جالسا مع القدرة بطلت صلاته ، وصلاة المأمومين أيضا ، لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه.
ونسب إلى المشهور القول بصحّة صلاة من لم يعلم بحال إمامه ، كما إذا كان إمامه محدثا (١). وهو مشكل ، لأنّ القياس حرام ، والتنظير لا بدّ لصحّته من دليل شرعي.
__________________
(١) لاحظ! مدارك الأحكام : ٤ / ٣٨.