وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن حبيش قال : حدّثنا الطهراني قال : أخبرنا يحيى بن الفضل قال : حدّثنا وهب بن عمر قال : أخبرنا هارون بن موسى عن حنظلة عن شهر عن ابن عباس أنه قرأ (عطاء حسنا) بالنون.
(رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ) قرأ ابن مسعود والأشهب وأبو جعفر وشيبة ونافع وأبو عمرو سلام ويعقوب برفع الباء والنون ، وقرأ ابن عامر وعيسى وعاصم كلاهما خفضا واختاره أبو حاتم ، وقرأ ابن كثير ومحيض ويحيى وحمزة والكسائي (رَبِ) خفضا والرحمنُ رفعا ، واختاره أبو عبيد ، وقال : هذه أعدلها عندي أن يخفض الأوّل منهما لقربه من قوله : (جَزاءً مِنْ رَبِّكَ) فتكون نعتا له ونرفع الرحمنُ لبعده منه.
(لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً) كلاما وقال الكلبي : شفاعة إلّا بإذنه.
(يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ) اختلفوا فيه ، فأخبرنا ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن خرجة قال : حدّثنا عبد الله بن العباس الطيالسي قال : حدّثنا أحمد بن عبد الله قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا إبراهيم ابن طهمان عن مسلم الأعور عن مجاهد عن ابن عباس قال : أتى نفر من اليهود رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : أخبرنا عن الروح ما هو؟ قال : «هو جند من جند الله ليسوا بملائكة ، لهم رؤوس وأيد وأرجل يأكلون الطعام ثم قرأ (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا) الآية ، قال : هؤلاء جند وهؤلاء جند» [٨٨] (١).
وقال ابن عباس : هو من أعظم الملائكة خلقا ، وأخبرنا ابن فنجويه قال : حدّثنا موسى قال : حدّثنا ابن علوية قال : حدّثنا إسماعيل قال : حدّثنا المسيب قال : حدّثنا ثابت أبو حمزة عن عامر عن علقمة عن ابن مسعود قال : الروح ملك أعظم من السموات ومن الجبال وأعظم من الملائكة ، وهو في السماء الرابعة تسبح كلّ يوم اثني عشر تسبيحة يخلق من كل تسبحه ملك يجيء يوم القيامة صفا وحده ، وقال الشعبي والضحاك : هو جبريل ، وروى الضحاك عن ابن عباس قال : إنّ عن يمين العرش نهرا من نور مثل السموات السبع والأرضين السبع والبحار السبع يدخل جبريل عليهالسلام فيه كل فجر فيغتسل فيزداد نورا إلى نوره وجمالا إلى جماله وعظما إلى عظمه ، ثم ينتفض فيخرج الله سبحانه من كل قطرة تقع من ريشه كذا وكذا ألف ملك يدخل منهم كلّ يوم سبعون ألف ملك البيت المعمور في الكعبة سبعون ألفا لا يعودون إليه إلى أن تقوم الساعة ، وقال وهب : إنّ جبريل عليهالسلام واقف بين يدي الله سبحانه ترعد فرائصه يخلق الله سبحانه وتعالى من كلّ رعدة ألف ملك ، فالملائكة صفوف بين يدي الله منكّسوا رؤوسهم ، فإذا أذن الله سبحانه لهم في الكلام قالوا : لا إله إلّا أنت وهو قوله سبحانه : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا).
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٩ / ١٨٧.