(لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) يعني لا إله إلّا الله ، وقال مجاهد : هم خلق على صورة بني آدم يأكلون ويشربون ، أبو صالح : خلق يشبهون الناس وليسوا ، وقال الحسن وقتادة : هم بنو آدم ، قال قتادة : وهذا مما كان يكتمه ابن عباس ، وروى ابن مجاهد عن ابن عباس قال : الروح خلق من الله وصورهم على صور بني آدم وما ينزل من السماء ملك إلّا ومعه واحد من الروح ، عطية : هي أرواح الناس يقوم مع الملائكة فيما بين النفختين قبل أن ترد الأرواح الى الأجساد ، وقال ابن زيد : كان أبي يقول : هو القرآن وقرأ (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) (١).
(يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا) قال الشعبي : هما سماطا ربّ العالمين يوم القيامة سماطا من الروح وسماطا من الملائكة (لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) قال : لا إله إلّا الله في الدنيا.
(ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً) مرجعا وسبيلا إلى طاعته ، (إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً) يعني القيامة وقيل القتل ببدر.
(يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) قال عبد الله بن عمر : إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مدّ الأديم وحشرت الدواب والبهائم والوحش ثم يجعل القصاص بين الدواب حتى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء نطحتها ، فإذا فرغ من القصاص قال لها : كوني ترابا ، فعند ذلك (يَقُولُ الْكافِرُ : يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً). قال مجاهد : يقاد يوم القيامة للمنقورة وللمنطوحة من الناطحة ، وقال المقاتلان : إنّ الله سبحانه وتعالى يجمع الوحوش والهوام والطير كلّ شيء غير الثقلين فيقول : من ربّكم فيقولون : الرحمن الرحيم ، فيقول لهم الرب تبارك وتعالى بعد ما يقضي بينهم حتّى يقتص للجماء من القرناء : أنا خلقتكم وسخّرتكم لبني آدم وكنتم مطيعين أيام حياتكم فارجعوا إلى الذي كنتم كونوا ترابا فيكونون ترابا ، فإذا التفت الكافر إلى شيء صار ترابا يتمنى فيقول : يا ليتني كنت في الدنيا في صورة خنزير رزقي كرزقه وكنت اليوم في الآخرة ترابا. قال عكرمة : بلغني أنّ السباع والوحوش والبهائم إذا رأين يوم القيامة بني آدم وما هم فيه من الغمّ والحزن قلن : الحمد لله الذي لم يجعلنا مثلكم فلا جنّة نرجو ولا نارا نخاف ، وأخبرنا عبد الله بن حامد قال : أخبرنا محمّد بن خالد قال : حدّثنا داود بن سليمان قال : حدّثنا عبد بن حميد قال : حدّثنا الحسن بن موسى قال : حدّثنا يعقوب بن عبد الله قال : حدّثنا جعفر عن عبد الله بن ذكوان أبي الزياد قال : إذا قضي بين الناس وأمر أهل الجنة إلى الجنّة وأهل النار إلى النار قيل لسائر الأمم ولمؤمني الجنّ : عودوا ترابا فيعودون ترابا ، فعند ذلك يقول الكافر حيث يراهم قد عادوا ترابا : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) ، وبه قال ليث بن سليم : مؤمنوا الجن يعودون ترابا ،
__________________
(١) سورة الشورى : ٥٢.