(فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً) قال مجاهد وأبو روق : سقت ابن آدم بالخير والعمل الصالح ، مقاتل : هي الملائكة تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنة ، ابن مسعود : هي أنفس المؤمنين تسبق إلى الملائكة الذين يقضونها وقد عاينت السرور شوقا إلى لقاء الله ورحمته وكرامته ، عطا : هي الخيل ، قتادة : النجوم تسبق بعضها بعضا في المسير.
(فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) يعني الملائكة.
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن جعفر بن الطيب قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن حفص قال : حدّثنا محمد بن خلف قال : حدّثنا أبو نعيم قال : حدّثنا الأعمش عن عمرو ابن مرّة عن عبد الرحمن بن سابط قال : يدبّر أمر الدنيا أربعة : جبريل وميكائيل وملك الموت وإسرافيل عليهمالسلام ، فأما جبريل فوكّل بالرياح ، وأما ميكائيل فوكّل بالقطر والنبات وأمّا ملك الموت فوكّل بقبض الأنفس ، وأما إسرافيل فهو ينزل بالأمر عليهم.
(يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ) يعني النفخة الأولى التي يتزلزل ويتحرّك لها كلّ شيء (تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) وهي النفخة الأخيرة وبينهما أربعون سنة ، قال قتادة : هما صيحتان : أما الأولى فتميت كلّ شيء بإذن الله ، وأمّا الأخرى فتحيي كلّ شيء بإذن الله ، وقال مجاهد : (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ) يعني تزلزل الأرض والجبال (تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) حين تنشق السماء ويحمل (الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً) ، عطا : (الرَّاجِفَةُ) : القيامة ، و (الرَّادِفَةُ) البعث ، ابن زيد : (الرَّاجِفَةُ) : الموت ، و (الرَّادِفَةُ) : الساعة ، وأصل : الراجفة : الصوت والحركة ومنه سميت الأراجيف لاضطراب الأصوات بها ، وكلّ شيء ولى شيئا وتبعه فقد ردفه.
أخبرنا ابن فنجويه قال : حدّثنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال : حدّثنا محمد بن هارون الحضرمي قال : حدّثنا الحسن بن عرفة قال : حدّثنا قبيصة بن عقبة عن سفيان الثوري عن عبد الله ابن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبيّ بن كعب عن أبيّ بن كعب ، قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا ذهب ربع الليل قام وقال : «يا أيها الناس اذكروا الله اذكروا الله جاءت (الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) جاء الموت بما فيه جاء الموت بما فيه» [٨٩] (١).
واختلف العلماء في جواب القسم فقال بعض نحاة الكوفة : جوابه مضمر مجازه : لتبعثن ولتحاسبن ، وقال بعض نحاة البصرة : هو قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى) وقيل : في الكلام تقديم وتأخير تقديره : (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) (... وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً).
(قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ) خائفة ، مجاهد : وجلة ، السدي : زائلة عن أماكنها ، نظيره (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ) (٢) ، المؤرّخ : قلقة ، قطرب : مستوفرة ، يمان : غير هادئة ولا ساكنة ، أبو
__________________
(١) سنن الترمذي : ٤ / ٥٣.
(٢) سورة غافر : ١٨.