عمرو بن العلا : مرتكضة ، المبرد : مضطربة من وجيف الحركات يقال : وجف القلب ووجب فهو يجف ويجب وجوفا ووجيفا ووجوبا ووجيبا.
(أَبْصارُها خاشِعَةٌ يَقُولُونَ) يعني هؤلاء المكذّبين للبعث من مشركي مكّة إذا قيل لهم : إنكم مبعوثون بعد الموت.
(إِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ) أي إلى أوّل الحال وابتداء الأمر فراجعون أحياء كما كنّا قبل حياتنا وهو من قول العرب : رجع فلان على حافرته إذا أرجع من حيث جاء ، وقال الشاعر :
أحافرة على صلع وشيب |
|
معاذ الله من سفه وعار (١) |
ويقال : البعد عند الحافر وعند الحافرة أي في العاجل عند ابتداء الأمر وأول سومه ، والتقى القوم فاقتتلوا عند الحافرة أي عند أول كلمة.
أخبرنا أبو بكر الجمشادي قال : أخبرنا أبو بكر القطيعي قال : حدّثنا إبراهيم بن عبد الله بن مسلم قال : حدّثنا عمر بن مرزوق قال : أخبرنا عمران القطان قال : سمعت الحسن يقول : إنّا لمردودون إلى الدنيا فنصير أحياء كما كنا ، قال الشاعر :
آليت لا أنساكم فاعلموا |
|
حتى يرد الناس في الحافرة (٢) |
وقال بعضهم : الحافرة الأرض التي فيها تحفر قبورهم فسمّيت حافرة وهي بمعنى المحفورة كقوله سبحانه : (ماءٍ دافِقٍ) (٣) و (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) (٤) ومعنى الآية إنّا لمردودون إلى الأرض فنبعث خلقا جديدا ثم مردودون في قبورنا أمواتا ، وهذا قول مجاهد والخليل بن أحمد ، وقيل : سمّيت الأرض حافرة ، لأنها مستقر الحوافر كما سمي القدم أرضا ، لأنها على الأرض ومجاز الآية : نرد فنمشي على أقدامنا ، وهذا معنى قول قتادة ، وقال ابن زيد : الحافرة النار ، وقرأ (تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) قال : هي اسم من أسماء النار وما أكثر أسمائها.
(أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً) قرأ أهل الكوفة وأيوب ناخرة بالألف ، وهي قراءة عمر بن الخطاب وابنه وابن عباس وابن الزبير وابن مسعود وأصحابه ، واختاره الفراء وابن جرير لوفاق رؤوس الآي ، وقرأ الباقون بجرة بغير الألف ، وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم ، قال أبو عبيد إنما اخترناه لحجتين : إحداهما : أن الجمهور الأعظم من الناس عليها ، منهم أهل تهامة والحجاز والشام والبصرة ، والثانية : إنّا قد نظرنا في الآثار التي فيها ذكر العظام التي قد نخرت
__________________
(١) لسان العرب : ٤ / ٢٠٥ ، تفسير القرطبي : ١٩ / ١٩٧.
(٢) تفسير القرطبي : ١٩ / ١٩٧.
(٣) سورة الطارق : ٦.
(٤) سورة الحاقّة : ٢١.