(٣٧) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (٤١) يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (٤٢) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (٤٣) إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها (٤٤) إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها (٤٥) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها (٤٦))
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى * إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً * اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى * فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) قرأ أهل الحجاز وأيوب ويعقوب بتشديد الزاي أي تتزكّى ومثله روى العباس عن أبي عمرو ، غيرهم بتخفيفه ومعناه تسلّم وتصلح وتطهّر.
(وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى) أخبرنا ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن حبيش قال : أخبرنا ابن زنجويه قال : حدّثنا مسلمة قال : حدّثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن التيمي عن عبيد الله بن أبي بكر قال : حدّثني صخر بن جويرية قال : لما بعث الله تعالى موسى عليهالسلام إلى فرعون فقال له : (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) إلى (فَتَخْشى) ولن يفعل. قال موسى عليهالسلام : يا رب وكيف أذهب إليه وقد علمت أنه لن يفعل؟ فأوحى الله تعالى إليه أن أمض إلى من أمرت به فإن في السماء اثني عشر ألف ملك يطلبون علم القدر فلم يبلغوه ولم يدركوه.
(فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى) وهي العصا واليد البيضاء.
(فَكَذَّبَ وَعَصى * ثُمَّ أَدْبَرَ) تولى وأعرض عن الإيمان.
(يَسْعى) يعمل بالفساد (فَحَشَرَ) فجمع السحرة وقومه (فَنادى فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) يقول ليس ربّ فوقي ، وقيل : أراد أن الأصنام أرباب وأنا ربّها وربكم ، وقيل : أراد القادة والسادة (فَأَخَذَهُ اللهُ) فعاقبه الله (نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى) يعني في الدنيا والآخرة ، الأولى بالغرق وفي الآخرة بالنار ، وقيل : نكال كلمته الأولى وهي قوله سبحانه (ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) وكلمته الآخرة هي قوله (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) وكان بينهما أربعون سنة.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى * أَأَنْتُمْ) أيها المنكرون للبعث (أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ) إن الذي قدر على خلق السماء قادر (عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) وقوله (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) (١).
(بَناها رَفَعَ سَمْكَها) سقفها ، قال الفراء : كل شيء حمل شيئا من البناء وغيره فهو سمك وبناء وسموك (فَسَوَّاها) بلا شطور ولا فطور (وَأَغْطَشَ) أظلم (لَيْلَها) والغطش أشد الظلمة ورجل أغطش أي أعمى (وَأَخْرَجَ ضُحاها) أبرز وأظهر نهارها ونوره.
(وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) اختلفوا في معنى الآية ، فقال ابن عباس : خلق الله سبحانه
__________________
(١) سورة غافر : ٥٧.