فتأبى السماء أن تقبلها ثم يهبط بها إلى الأرض فتأبى الأرض أن تقبلها فيهبط تحت سبع أرضين حتى ينتهي بها إلى سجّين ، وهي حدّ إبليس ، فيخرج لها من سجين من تحت حدّ إبليس رق فيرقم ويختم ويوضع تحت حدّ إبليس بمعرفتها الهلاك بحساب يوم القيامة ، وإليه ذهب سعيد بن جبير قال : سجّين تحت حدّ إبليس ، وقال عطاء الخراساني : هي الأرض السفلى وفيها إبليس وذريته.
وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا الفضل قال : حدّثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال : قراءتي على يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا ابن وهب قال : وحدّثني عمارة بن عيسى عن يونس بن يزيد عمّن حدّثه عن ابن عباس أنه قال لكعب الأحبار : أخبرني عن سجّين وعليّين ، فقال كعب : والذي نفسي بيده لأخبرنّك عنها إلّا بما أجد في كتاب الله المنزل ، أما سجّين فإنّها شجرة سوداء تحت الأرضين السبع مكتوب فيها كلّ اسم شيطان ، فإذا قبضت نفس الكافر عرج بها إلى السماء فغلقت أبواب السماء دونها ، ثم رمى بها إلى سجين فذلك سجين ، وأما عليّيون فإنّه إذا قبضت نفس المسلم عرج بها إلى السماء وفتحت لها أبواب السماء حتى تنتهي إلى العرش ، قال : فيخرج كفّ من العرش فيكتب له نزله وكرامته فذلك عليّون.
وقال الكلبي : هي صخرة تحت الأرض السابعة السفلى خضراء خضرة السموات منها ، يجعل كتاب الفجار تحتها ، وقال وهب : هي آخر سلطان إبليس.
وأخبرني عقيل : إن المعافى أخبرهم عن ابن جرير قال : حدّثني إسحاق بن وهب الواسطي قال : حدّثنا مسعود بن موسى بن مشكان قال : حدّثنا نصر بن خزيمة عن شعيب بن صفوان عن القرطي عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال. «الفلق جبّ في جهنم مغطّى وأما سجين جبّ في جهنم مفتوح» [١٠٨] (١).
وأخبرنا أبو القمر الصفار قال : أخبرنا حاجب بن أحمد قال : حدّثنا محمد بن حماد قال : حدّثنا يحيى بن سليم الطائفي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله سبحانه : (إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) قال : سجّين صخرة تحت الأرض السابعة تقلب فيجعل كتاب الفجّار تحتها ، وقال عكرمة : أي لفي خسار وضلال ، والمعنى أنه أراد بطلان أعمالهم وذهابها بلا محمدة ولا ثواب وهذا سائغ مستفيض في كلام الناس ، يقولون لمن خمل ذكره وسقط قدره قد لزق بالحضيض ، وقال الأخفش : لفي حبس ضيق شديد ، وهو فعّيل من السجن كما يقال فسّيق وشرّيب قال ابن مقبل :
ورفقه يضربون البيض ضاحيّة |
|
ضربا تواصت به الأبطال سجّينا (٢) |
__________________
(١) جامع البيان للطبري : ٣٠ / ١٢٠ ، الدر المنثور : ٦ / ٣٢٥.
(٢) تفسير القرطبي : ١٩ / ٢٥٨.